• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

من أجل حياة حلوة

2018-09-27

إذا كنا نستطيع أن نحقق كل أحلامنا بضغطة زر، نراها واقعاً ملموساً من دون بذل أي جهد، فهل سنحافظ على حماستنا للحصول عليها، أم اننا سنحتاج أو نشتاق في قرارة أنفسنا إلى المعاناة في التغلب على الصعوبات، لكي نشعر بحلاوة هذه السعادة المستخلصة من رحيق الإنجاز؟
في رحلة دوراننا مع عجلة الحياة يكثر القول إن الدنيا كانت فيما مضى أجمل، والناس كانوا أطيب قلوبا، فهل هذا صحيح؟ أبداً، كل ذلك وهم زائف، وحنين رومنسي واهم إلى الماضي، ومحاولة يائسة للهرب من الواقع، الناس بين الأمس واليوم هم هم لم يتغيروا، والحياة بحلوها ومرها هي هي لم ولن تتغير، كل ما حدث، بحسب ما توصلت إليه الدراسات العلمية الحديثة، أن الناس أصبحوا أكثر استعدادا للاعتراف بمعاناتهم النفسية، التي ربطوها أكثر الأحيان بضغوط الحياة، التي تزداد باطراد، وهذا هو سر الشعور بأن الحياة العصرية أصبحت أقل سعادة. أيضاً من أسباب تراجع الشعور بالحياة الحلوة الممتعة، قلة نسبة المشاركين في العمل التطوعي، ونقص الزيارات الشخصية بين الناس، وقلة أوقات الفراغ، التي يمكن أن يمارس فيها الناس الهوايات المحببة إلى النفس، مقابل زيادة الوقت الذي يقضيه الناس في العمل، واستعداد كثيرين لقضاء ساعات طوال للوصول إلى مكان العمل، وكذلك زيادة الأوقات المخصصة لشبكات التواصل الاجتماعي، وأمام التلفاز والحاسوب. يبدو أن النفس البشرية محتاجة إلى إعادة النظر في كيفية إدارة الوقت وتقسيمه، الذي يعتبر هو المكون الأساس لحياتهم. في المقابل لا بد أن نعرف أن الوقوع في الأزمات من وقت لآخر، والمعاناة من المشكلات، والشعور بالضيق والتعاسة، كلها أمور مهمة ومفيدة، كي يفكر الإنسان في حاله، ويتعرف على أولويات حياته، ويدرك الأمور الجوهرية للبشر، مثل الانتماء إلى جماعة، والتضامن مع الآخرين، وأهمية الصدق والأمانة، والعدل والجمال.
من المؤسف أن كثيرين لا يريدون أن يدركوا أن طريق الحياة ليس مستويا، بل فيه كثير من المرتفعات والمنخفضات، وأن فوز بعضهم يعني خسارة البقية، وأن القرارات التي نتخذها أحيانا تكون صوابا، وأحيانا تكون خطأ، وأن ذلك كله أمر طبيعي جداً.
لو اتفق الناس جميعا على أن يخفضوا سقف طموحاتهم، وأن يتراجع الجميع خطوتين إلى الخلف، فإنهم سيصلون جميعاً إلى مكانتهم الحالية نفسها من دون أن يكون المقابل هو أن يضحوا بكل وقتهم وجهدهم، وبذلك تظل لديهم الطاقة التي تجعلهم قادرين عندئذ على الاستمتاع بما وصلوا إليه.
الاعتقاد أن الحياة ستصبح كلها سهلة وذات جاذبية، بعد لحظة تحقق حلم ما، هو اعتقاد ساذج، فمهما كان هذا الأمر جميلاً، فإن الحياة ستظل فيها لحظات ألم وحزن.
الحياة ليست محطات منفصلة عن بعضها، بل هي مراحل متداخلة، والطفل الصغير وحده من يظن ذلك، وأنه ما أن ينتهي من المدرسة، ويصبح كبيرا، فإن وجه الحياة سيتغير، وتبدأ محطة جديدة تماما.
على الإنسان أن يتقبل نفسه كما هي، وخصوصاً في الأشياء التي لا يمكنه تغييرها، عندها سيسعد لا محالة، بعد أن يقع الصلح بينه وبين ذاته.
بعضهم يسافر إلى آخر الدنيا بحثا عن راحته وهويته، على رغم أنها قريبة جدا منه، بل هي في الحقيقة داخل قلبه، ولا تحتاج إلى التفتيش عنها خارج الجسد. من الحيل التي ينصح بها خبراء النفس، أن يبحث الإنسان التعس عن أشخاص سعداء، فيرافقهم ويجلس معهم، عندها ستصيبه عدوى الابتسام والضحك، كما ينصحون بأن يكتب كل ليلة شيئا أسعده في يومه الماضي، فإذا مر يوما ما بأزمة، فتح هذا الدفتر واسترجع كل هذه اللحظات الحلوة في حياته، وأن يدقق النظر في ما حوله، لأنه عندها سيجد بالتأكيد ما يسره، صوت عصفور طائر، أو لون زهرة متفتحة، أو شكل السحاب في السماء، أو ابتسامة طفل، وقبل كل ذلك أن يتذكر نعم الله عليه.
إذا صفى الإنسان القلب أمكن أن يتذكر قوله تعالى: «وإذا سألك عبادي عني فإني قريب»، أو قوله: «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد»، وعندها سيوقن بأن كل ما عليه في لحظة الضيق أن يرفع يديه إلى السماء، ويدعو بيقين وصدق، عل الله يقبل دعاءه، ويشرح صدره.
الحياة التي تليق بنا تجد طريقها إلينا، وتدق أبوابنا، ولا تحتاج إلى من يدلها علينا، ولا من يفتح لها الباب، فالله الذي يقدّر الأقدار، يرسلها إلينا، حين نوقن بأن «بعد العسر يسرا».


المقال على موقع صحيفة الحياة