• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

«العاصوف».. أزاح الستار

2018-06-25

شئنا أم أبينا، أصبح للدراما حضوراً قوياً في الساحة، استطاعت من خلاله فرض نفسها في المشهد الاجتماعي، بل اعتبرها البعض كأنها شاهد عصر على المجتمعات وما يحدث فيها.
وليس مطلوب من الدراما أن تكون نصاً منزلاً، وأن تنطق بكل شيء وتحيط بالأمور كلها، لكن هي إشارات تطلقها وتبثها، من خلال نص وحوار وممثلين وممثلات يجسدون حدثاً ما، بلغة فنية راقية تصيب أحياناً وتخطئ أحياناً.
في رمضان اعتدنا على مصافحة أهم المسلسلات، التي يحرص صناع الدراما على تقديمها بأفضل ما لديهم، كسباً للمشاهدات العالية والتفاعل الكبير من كل الأطياف. في هذا السباق ما تزال الدراما السعودية، في بداياتها، وعلى رغم ذلك حققت الكثير من النجاحات وفق ما هو متاح، وما تزال تطوّر من نفسها يوماً بعد يوم، لتصف بجوار الإنتاج الدرامي المميز خليجياً وعربياً.
هذا العام، صافحنا أول إنتاج درامي فني سعودي بهذا المستوى، مسلسل العاصوف، الذي فرض نفسه وجبة دسمة على مائدة المسلسلات الرمضانية لهذا العام، هذا المسلسل كان عسير الهضم على كثير من النقاد والمشاهدين، على رغم أنه كان وجبة درامية خفيفة لطيفة مفيدة على ذائقة البعض الآخر، مشكلة من أصيب بتلبك قبوله، أنه تناوله من خلال طبق مثالية المجتمع بـ«نهم» حد الإصابة بالتخمة التي جعلته يتألم حد البكاء ألماً على الأخلاقيات التي مزقها المسلسل، بقصة الطفل اللقيط والمشاهد الخادشة لعفة المجتمع، التي صورت سلوكيات بعض الشباب، التي فُسرت أنها انحلال يصور مجتمع تلك الحقبة، أنه مجتمع قائم، والعياذ بالله، على «الزنا». الحمية الأخلاقية جعلت هذا المسلسل يتصدر الترند في الهاشتاقات وعناوين المقالات ومواضيعها. وحديث المجالس والقروبات، ولكن لنهدأ قليلاً وننظر لهذا العمل من زاوية أكبر وأشمل، حتى يكون نقدنا موضوعياً بناءً خالياً من توابل الأفكار والتوجهات الشخصية.
للإنصاف، هذا العمل يعتبر الحصان الرابح في الدراما الخليجية لهذا العام، إذ إن عناصر العمل الفني اكتملت به من جميع النواحي، عمل جبار واضح جداً أن الإعداد له أخذ من الجهد والمال والوقت والاهتمام الشيء الكثير، إنتاج متمكن، إخراج قوي، وممثلون أعتقد أنهم عشقوا أدوارهم فتقمصوها حد ذوبان شخصياتهم الحقيقية فيها.
في ظل هذه الدائرة الإبداعية المتكاملة أين الخلل إذاً؟ الخلل في أفكارنا نحن، وليس في قصة المسلسل ولا في نوايا القائمين عليه، كما قلت سابقاً، نحن ما زلنا نعتقد أننا مجتمع منزّه عن الخطأ، على رغم أنه لا منزه ولا كامل إلا الله رب الكمال، الذي تنزه سبحانه عن كل خطأ أو زلة، أما ما عداه من بشر أو مجتمعات فليس من صفاتهم المثالية، لذلك ركز المنتقدون على تلك الأحداث، التي صورت خروج بعض الشباب عن النسق الأخلاقي، على رغم أن ذلك كان يحدث بشكل أو بآخر في تلك الحقبة الزمنية وقبلها وبعدها وسيبقى إلى أزل الآزلين من ينجرف وراء مغريات الشيطان، منهم من يموت على غيه ومنهم من يتوب ويعود إلى الطريق الصحيح.
ما أود قوله إن الإشارة لذلك في المسلسل، جعلت الغيورين يسلطون عليها مجهر النقد، متناسين أو مهملين أحداث أكثر بكثير، تصور جمال تلك الفترة الزمنية ببساطتها وأخلاقياتها العالية وتراحمها، الشاب نفسه ( خالد) الذي ينجرف وراء طيشه، وبّخ سارقاً عندما سرق ساعة، عارض عليه شراءها، ما يدل أن انحرافهم كان طيشاً عابراً لا خللاً أخلاقياً، كذلك لم يرَ النقاد كيف وقفت الأم بوجه ابنها لحفظ حقوق ذلك الطفل، وكيف منعها خوفها من الله من ظلمه، تلاحم الحارة، مكانة المرأة ورفعتها وتقدير المجتمع لها، أدب البنات في ذلك الوقت وتفانيهم في خدمة الأسرة، بساطة المجتمع، وسطيته، كل هذا ضاع وسط سخط الغاضبين من تجاوز سور المثالية.
لماذا لم ينتبه النقاد إلى تلك الأحداث، التي بينت كيف تسلل التشدد إلى مجتمعنا البسيط المعتدل مع ذوبان أخونجية المجتمعات الأخرى داخل مجتمعنا وانصهارهم معنا؟
لوحات أخلاقية ومجتمعية وقيم جميلة عرضها علينا «العاصوف»، الذي جاء ليحكي لنا عن فترة عشناها، ليست بغريبة عنا، لكن الغريب أن نزيفها لأجل أجندات لا تمت لمجتمعنا بصلة ولا ترسم واقعنا الذي كنا عليه وسنظل، فلننظر للعمل من زوايا أخرى كي نستمتع به وبالدراما السعودية المختلفة.