• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

فوضى الحرية

2018-06-25

على اختلاف الأزمنة والأمكنة، كانت الحرية هي المطلب الإنساني الذي أجمعت البشرية على السعي وراءه، وبذلك اجتمع بنو آدم كلهم على طلبها، ولكنهم اختلفوا في فهم معناها وطريقة ممارستها.


ما أسعى إليه أنا، وما يهمني بعد هذه المقدمة، هو الانفتاح وما يصاحبه من الحرية التي أصبحت حدث الساعة في مجتمعنا الآن، فما هو الهدف من الانفتاح؟ وهل انفتاحنا يعني انفلاتنا؟ هل مظاهر الانفتاح الصالحة لدى مجتمع ما تصلح لمجتمع آخر؟ من المسؤول عن ضبط تبعيات هذا الانفتاح بحيث يكون دافعاً لنماء الدولة والمجتمع لا عائقا لها؟

على مدى عقود من الزمن، كنا نعيش إلى حد ما داخل عزلة اجتماعية فرضتها علينا ظروف معينة، بعضها كان صالحاً لزمانها، وبعضها الآخر كان بدعاً من أفكار عقول خافت علينا من أي انفتاح، فجنبتنا أي تغير، لسد باب ذائع الفتنة.

ولأن التغير العالمي كان يسير بنمط بطيء لم تكن تحفظاتنا الاجتماعية تشتكي عجزا يؤخر مسيرة النماء، أما الآن ففي خضم سرعة التغير الجنونية التي يسير بها العالم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، كان لا بد من تغير يصدم ليكون ذا فاعلية في علاج كل خلل، لإحداث التغيرات المدروسة من ولي العهد.

ومع ذلك، أخطأ خطأً فادحاً كل من فهم أن سياسة الدولة وخططها لإحداث التغيير تعني نزع رداء الأخلاق والقيم والخصوصية الدينية والاجتماعية، واستبدالها بثوب حرية متبناة من مجتمعات لها ظروف مختلفة عنا تماما، فالمقبول عندها مرفوض عندنا، والعكس صحيح؛ لاختلافات الأديان والثقافات المجتمعية والقيم الأخلاقية والضوابط الاجتماعية، ما يجعل التغير إطارا عالميا عاما يضم داخله حريات متباينة تختلف باختلاف ظروف مجتمعاتها.

نعود إلى مجتمعنا وفهم الناس لحرية الانفتاح المستجدة عليه وطريقة تعاملهم معها، انفتاحنا الحالي هو تلك الأداة التي استخدمتها الدولة بشكل مدروس لتمهد الطريق لإنجاح خطة تحول لها وقت محدد تتحدى بها العالم، لنصل إلى نماء سياسي واقتصادي واجتماعي يرتقي بالدولة والمواطن، ولكن كيف تعاملنا معه نحن الشعب، لنكون شريكا فعالا في إنجاح هذه الخطة؟

القيادة الكبرى في الدولة هي من فتحت باب التغير بما يصاحبه من حرية مقننة بما يتناسب مع النسق الديني والعرف الاجتماعي وباركته، ومن هنا ينتهي دورها جزئيا ليبدأ دور المسؤول الذي يليها في ضبط آليات هذه الحرية وممارساتها بما لا يتسبب في صدمة لمعظم الشعب، الذي مازال متمسكا بقيم راسخة وإن هبت نسائم التغيير، فالشعب مازال متوجساً يريد تلك الحرية، ولكنه يخاف منها، فرفقاً به أيها المسؤول.

مسؤولية ضبط الحريات مسؤولية مشتركة بين المواطن والمسؤول، ما أجمل أن يكون هناك تفاهم وانسجام بينهما لتسير الأمور بسلاسة، كي لا نحدث بلبلة داخلية في مجتمع آمن مستقر.

لذا فليراع اللهَ كلُّ مسؤول وكل صاحب مشروع تجاري في ما ائتمنته عليه القيادة، ولنتفهم نحن الشعب أن هذا التغير لمصلحتنا قبل كل شيء، فنتعاون من دون استفزازات تثير جدلا، إما بفعاليات وإما بشخصيات غريبة علينا، لنقود نحن مسيرة التغير بما يرضي الكل، ونترك للقيادة الكبرى مسؤولية الحفاظ على هذا الوطن آمنا مطمئنا، فالحاقدون كثر، والأعداء قد يندسون بيننا خلايا نائمة من دون أن ندرك، يتحينون الفرصة ليضربونا بسلاح البلبلة والجدل والخلافات، فليت وعينا يكون سلاحنا الأقوى لضربهم فلا نسمح لتصرفات أو اختيارات غير مدروسة، أو غاب عنها الوعي بثقافة الحرية والتغير، أن تشغلنا عن تكثيف الجهود بما هو أهم من تحقيق الأمن والأمان داخليا وخارجياً.

التغير حتمية طبيعية لا يمكن الوقوف بوجهها، ولكن ما يصاحبها من حرية يجب أن يكون مناسبا لنا، رحم الله غازي القصيبي عندما قال: «الحرية ليست حجاباً يُرمى، ولا دينا يشتم، ولا أخلاقا تُخلع، بل هي رقي فكر، واحترام عقل، وبناء مستقبل نظيف، وعقيدة تتمسك وتعتز بها».