أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..
إصداراتي
قسوة مجتمع!
2018-04-15
على رغم كل التحديثات في مجتمعنا، إلا أنه لا يزال لبعض الأمور حضورها الأقوى وسطوتها المبالغ فيها والتي تفرض نفسها واقعاً لا مفر منه، يلزمنا بخيارات صعبة لا خلاص منها بسهولة.
تابعنا أخيراً، الحديث عن «معنفة أبها» والمقطع المتداول عنها، وهذا المقطع غيض من فيض مقاطع تبثها لنا مواقع التواصل، تجعلنا نمسك بعقولنا ونربط على قلوبنا، ونقول: هل من المعقول أن يحدث هذا في مجتمعنا؟ وهل ما تزال هذه اللغة حاضرة، وما تزال هذه الممارسة العنيفة هي الصوت الأعلى؟
لن أدخل في تفاصيل القضية، ولن أمارس دور المحقق في صدقيتها من عدمها، فهذا الأمر من شأن المختصين والجهات ذات العلاقة، ما يهمني في الأمر هو أن مثل هذه القضايا تحدث فقط للأطفال والنساء، وأن ما يصل لمنبر وسائل التواصل أقل بكثير من الواقع، وأن من يمارس دور المتفرج الصامت كثيرون.
ما تزال جهاتنا التشريعية والرقابية عاجزة عن الحماية قبل حدوث الضرر، وما يزال الكثيرون يتساهلون ويتجبرون لأنهم على يقين ألا عقوبة رادعة تنتظرهم، وللأسف أن كل امرأة تتعرض لتعنيف فإن الكل سيلقي باللوم عليها، وأنها من جلبت الفضيحة لأهلها، وأنها هي من تسبب في العنف عليها، قائمة طويلة تخنق كل امرأة تدفع ضررا عن نفسها، أو تريد حفظا لحياتها ومستقبلها وبحثا عن حقوقها، حتى الطفل المعنف أو المعذب دائما يتهم أن هناك امرأة خلفه، وأن الحقوقيات ودعاة التغريب هن من يسعين لتشويه صورة الرجل السعودي، لأجل البحث عن إسقاط الولاية ونزع القوامة!
الجهات المعنية، وعلى رغم تعدد القصص والحكايات، ما تزال تقف عاجزة، فكل ما تفعله مسكنات لا عافية تدوم بعدها، أعتقد أنه لن يستقيم الأمر من دون سن تشريعات تجعل كل من يفكر في الإقدام على فعل مثل هذا «العنف» يفكر ألف مرة، مثال على ذلك، عملنا معارض وبرامج ودورات وأفلام لتحذير الناس من السرعة وقطع الإشارة، ولم يردعهم مثل العقوبات المالية، لذا أصبح السائق ملتزما على رغم أنفه. يجب أن نبحث عن مصلحته بالقرارات المؤلمة، وهذا ما ينقص ملف العنف الأسري.
للأسف، كل القصص أو غالبها تنتهي بعقوبات سخيفة، وتكون الضحية فيها امرأة لا حول لها ولا قوة، إن اختارت نصرة نفسها خسرت أهلها ومجتمعها، وخرجت من سجن لسجون أكبر، مللنا «الهاشتاقات» والبرامج الحوارية ودعاوي الناشطين ومبادرات المحامين، كل تلك لم تحرك ساكنا، وما تزال كرة الثلج تكبر وتكبر!
للأسف عندما نعيش في الخارج لظروف دراسة أو عمل، لا يجرؤ أحد أن يعتدي على أهله أيا كان خطأهم، لأنه يعرف أن مجرد اتصال من جار فقط، سيجعله في غياهب لا نور بعدها، ويعرف أن الجهات هناك عندما تتعامل مع هذا الأمر، لن ترحم رجلا أبدا، وستفعل أي شيء لأجل المرأة والطفل. في مجتمعنا، لا تزال آلية التعامل مع البلاغ تتم في إطارات ضيقة، وكأن الضحية هو المجرم، وما إن تخرج القضية للسطح، حتى تجد ألف تكذيب ومليون ضغط، وتهديد من هنا ووعود من هنا، فتضطر لأنها بلا قانون قوي رادع أن تتنازل فيزداد الطغيان عليها، ومن يفكر بالمساعدة أو يدافع عن ضحية، ستنتظره لائحة طويلة من الاتهامات، وستهب العائلة والقبيلة وكل من يمت لهم بالصلة بالذود عن شرف وسمعة العائلة، ولا أحد يفكر في مصير ذلك الطفل ولا تلك المرأة.
بلادنا تشهد موجة تحديث في أنظمتها ليست بالسهلة، وأحاديث ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن المرأة في الإعلام الغربي تخبرنا بالكثير الواعد، وتجعلنا نمسك بحبل أمل متين طرفه الآخر ولي أمر قوي أمين، لذا لا بد لكل المؤسسات والهيئات ذات العلاقة، أن تدع البيروقراطية والمحسوبية والخوف المبطن، وتقدم حلولا سريعة بعيدة ع المحسوبيات الاجتماعية تحفظ للمرأة والطفل إنسانيتهم وكرامتهم في الوقت الذي تحفظ فيه لمجتمعنا سيرته وطيبته وحسن تعامل أهله، فآخر ما قاله رسولنا الكريم قبل وفاته «استوصوا بالنساء خيرا».. فهل استوصيتم بهن خيرا؟