أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..
إصداراتي
تجنيد وظيفي
2018-04-15
يقضي الإنسان الثلث الأول من حياته وهو على مقاعد الدراسة بين المدرسة والجامعة، لأجل البحث عن الوظيفة، ويقضي جل حياته وهو يبحث عن تلك الوظيفة التي يؤمِّن بها رزقه ويجد فيها ذاته، ويبدع بها ويطور نفسه، ومتى ما وجد فرصة تركها وذهب بحثا عن وظيفة أخرى تشبع رغباته وتواكب طموحه اكثر.
ولكن للأسف، هناك خلل الآن في سياسة التوظيف عندنا، فما تزال هناك فجوات بين الجامعات والمعاهد وبين سوق العمل، وما تزال هناك شكوى، أن تعليمنا لا يستطيع صناعة موظف مؤهل، لذا لا بد من إخضاع الموظف لدورات تأهيلية، لأجل ضمان إتقان العمل.
ما يزال الشباب عندنا، يجدون شروطا تعجيزية في الحصول على وظيفية، وبخاصة شرط الخبرة، الذي يجعل الأمر شاقا تماما.
وما تزال وزارتا الخدمة المدنية المعنية بالوظائف الحكومية، ووزارة العمل المعنية بوظائف القطاع الخاص، وهيئات توليد الوظائف، وبرامج الموارد البشرية، كلها عاجزة عن إيجاد حلول سريعة ودائمة لاستيعاب الخريجين، بدليل أن بعضهم وصل انتظاره إلى 11 سنة ولم يجد وظيفة له!
لذا أقترح على من يهمه الأمر، أن تكون هناك سنتان بعد تخرج الطالب أو الطالبة من الجامعة، أو إنهائه بعثته بالخارج، تكون أشبه بالتجنيد الإجباري الذي يتم تطبيقه في بعض الدول، وتكون هاتان السنتان بمثابة دورة تأهيلية للخريج، وفرصة لمنحه شهادة خبرة، وتكون بمكافأة رمزية لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال، فيها يتعرف صاحب العمل على الموظف، ويمنحه الفرصة لعقد بعد انتهاء السنتين، متى وجد فيه ما يلبي طموحاته ورؤاه في العمل، وتكون فرصة للخريج ليقترب من العمل ودهاليزه بصورة مباشرة، فيعرف ما ينتظره ويقرر صلاحيته من عدمها. وفيها يسدد الطالب فاتورة دراسته المجانية لدولته، ويفوز بفرصة تدريبية تكون أقرب له وأكثر فائدة من كثير من النظريات الموجودة في الكتب الدراسية.
نحن في بلادنا مقبلون على فرص تنموية، ولا بد أن يصاحبها فكر دراسي متطور، ولا بد من ضخ أفكار توظيفية وبرامج تدريبية، تكفل مواكبة التطورات التي تحدث والمتغيرات التي تنشأ.
كلنا رأينا، كيف أن شبابنا وبناتنا، تجاوزوا عادات وتقاليد كثيرة لأجل إثبات أنفسهم، ولأجل إيجاد مصدر رزق لهم يستطيعون من خلاله العيش بحياة كريمة، فما عادت هناك وظائف دنيا، ولا وظائف لا تليق، وما عاد هناك مقر الوظيفة بعيد، ولا أوقات الدوام متعبة..!
صحيح أنه ما زال هناك حب للوظيفة الحكومية، لأسباب لا تخفى على الكل، لكن الوظائف الحكومية ما عادت تفي بالغرض، لا أجرا ولا طموحا، بل أصبحت في غالبها مكاتب لأولئك غير الراغبين في صناعة المختلف، والغالبية أصبح يبحث عن عقود مع الشركات والهيئات التي تبتعد عن الروتين، وتلحق برؤى وأهداف الرؤية2030 ويجد فيها الإنسان مساحة للإبداع والابتكار.
استيعاب الشباب وإيجاد محاضن وظيفية لهم خاصة أو عامة، ستكفل لمجتمعنا كثيراً من النجاحات المنتظرة.
وكلنا يرى دعم الدولة للقطاع الخاص، وليت الدولة كذلك، تقرر صرف بعض الرسوم المقررة على بعض الخدمات لأجل مشروع التوظيف هذا، وتكون فرصه موزعة بين القطاع الخاص والعام، لكي نضمن تعدد الفرص وضمان التدريب على رأس العمل، وقرب مكان التدريب من مكان الخريج، لكي نضمن بيئة عملية تدريبية ناجحة، ويكون التقويم فيها صارما وبلا مجاملة، ليشعر الطالب بجدية الأمر، فيجتهد أكثر، لكي يفوز بمستقبل يليق به. إن تطبيق مثل هذه الفكرة، سيحل الشرط التعجيزي للخبرة الوظيفية، وهو ربط مثالي بين الدراسة وسوق العمل، وسيضمن لقطاع التوظيف وجود كفاءات وظيفية مؤهلة تعليمياً وعملياً، لخوض غمار الحياة بكل تفاعلاتها ومتغيراتها.