أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..
إصداراتي
تمكين لا تكميم
2018-01-03
من أكثر المصطلحات المتداولة أخيراً، وبخاصة في مجتمعنا، مصطلح «تمكين المرأة». ومن يتأمل في قراءة كثيرين لهذا المصطلح سيجد العجب من تباين تفسيرهم، فالبعض يراه فكرة غربية تريد القضاء على جوهر مهمة المرأة، وجعلها في صراع مع الرجل، وهي في بحث عن كينونة تجبرها على الحياة الصعبة.
وفريق آخر يراها فكرة يسكنها الانحلال الاجتماعي، الذي يجعل المرأة متعة وحقاً مشاعاً للكل، بحيث يراد لها حرية غير منضبطة، والبعض الآخر يرى في التمكين مشاركة فاعلة للمرأة في المجتمع، وفق منظومة حقوقية تكفل لها الحياة بسلام ورقي وكرامة.
وكعادة كل شأن من شؤون المرأة في مجتمعنا، لا بد من اختلاف وتباين في وجهات النظر، كل يدعي مصلحتها، وهو يبحث عن مصلحته الخاصة من خلالها. كثير ممن ينادون بتمكين المرأة نجدهم - للأسف - مجرد ظاهرة صوتية، من دون ترجمة لأقوالهم فعلياً على أرض الواقع، من خلال تعاملهم المباشر مع من تحت ولايتهم من النساء. وهذا يبين البون الشاسع في تعاملنا مع قضايا المرأة؛ نقول شيئاً ونفعل شيئاً آخر.. ندعو إلى التمكين ونحن نمارس عليها التكميم والتقييد!
لست هنا لتقويم أو تحليل تعامل الأفراد مع قضايا المرأة، ولكني بصدد الحديث عن توجه الدولة أخيراً نحو المرأة وفك كثير من القيود عنها، والتي كانت حديث العالم كله، إذ رأى فيها انتصاراً للدولة الحديثة القادرة على منح المرأة ما تستحق من حقوق تتمتع بها النساء بصفة عامة في العالم، شريطة عدم تعارض ذلك مع قيم الدين السمحة.
كلنا يعلم أن الدولة عندما تؤمن بالمرأة بوصفها عنصراً مهماً من عناصر قوة المجتمع، وتمكنها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، فهي بذلك تسهم في توفير مناخ آمن وخدمات تسهل لها القيام بواجباتها الوطنية، لأن ضمان تمتعها بحقوقها الكاملة في جميع المجالات سيسهم في دفع عجلة التغيير بما يحقق رؤية المملكة للتنمية المستدامة 2030.
ما يهمنا - بصفتنا نساء - هو حرص الدولة بكل مؤسساتها علينا، من خلال القرار الذي يوفر لنا كل سبل النجاح في حياتنا، كي يلمس المجتمع أهمية وجودنا وتمكيننا، وبالتالي نجد البيئة المناسبة لتحقيق وإنجاز ما نريد ويُراد منا. لذا، لا بد من الاهتمام بالإعداد كما يجب للحياة «التمكينية» التي تنتظر المرأة، بحيث نوفر لها العمل المناسب والتدريب المناسب، إضافة إلى أن تنال كل ما يناله أخوها الرجل في ذلك، وألّا ندع اجتهادات أفراد ومؤسسات تفسد علينا متعة قرار التمكين، الذي أعزنا به الله ثم القيادة العليا.
لا يجب الاستعجال في الزج بالمرأة في الصفوف الأولى، لأجل تحسين الصورة العامة، من دون الاهتمام بأنها تملك الصلاحية والقدرة على أن تكون بجوار الرجل جنباً إلى جنب ونداً لند. لذا، ليتنا لا نستعجل في تعيين النساء في المناصب الخاصة بالمرور، تمشياً مع قرار السماح لها بالقيادة، قبل أن ندخلها في برنامج تدريبي، مثلها مثل الرجل، كأن تدخل الكلية العسكرية وتنال كل التدريبات وتتعلم كل الفنون اللازمة، وتتعرف على الميدان جيداً، لكي تعمل فيه من دون حرج أو تخاذل، ولكي لا يلمس المجتمع فيها قصوراً يقلل من الثقة بها، كما حدث في تأنيث الأسواق واستعجالنا فيها من دون تهيئة مسبقة، ولا نريد أن تعيش شوارعنا ازدواجية في التعامل، فهذه المركبة يتعامل معها رجل وتلك تتعامل معها امرأة، لا بد من إلغاء هذا الفصل، ليكون كل شيء مستساغاً والكل يخدم مجتمعاً واحداً من دون تفرقة أو فصل إلا في الحالات اللازمة، كالتحقيق والتوقيف، وما شابه، وما قرار وزارة الداخلية الأخير بإحالة توقيف النساء المخالفات لأنظمة القيادة إلى وزارة التنمية الاجتماعية، والتعامل معها كالأحداث، إلا خطأ لا بد من تصحيحه، فكما هناك توقيف لرجال لا بد أن يكون هناك توقيف للنساء، بحيث تكون كل الأمور تحت مظلة قطاع واحد، من دون تداخل القطاعات الأخرى وضياع حقوق المرأة بينها.
ليتنا في شؤون المرأة وقضاياها نبتعد عن المتناقضات ونعيش الوضوح معها، ولا نحدها على أشياء لا تجعلها تستمتع بالحياة السهلة، فتضيع جهودها وتغيب الفائدة من تمكينها، بين تناقضات القوانين وتباينها.