• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

صوفيا ستتزوج

2017-12-03

صوفيا ستتزوج

نحن نعيش في عصر ليس فيه شيء مستحيل، بل أصبح كل شيء ممكناً.. وكما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: «لا مكان في الفترة القادمة إلا للحالمين». وما أجمل أن تجد بيئة تستنبت فيها حلمك، وتجد ما يشفع لك ويحفزك على أن تحلم أكثر.

كلنا يذكر تلك اللحظة التي أطلت علينا فيها «الروبوت صوفيا» وبدأت تبشر بميلاد جيل جديد ينافس البشر في العيش معنا، وزاد الأمر حماسة عندما منحت الجنسية السعودية، فأصبح لها ما لنا وعليها ما علينا.

التفكر في وجود مثل هذه الكائنات وحياتهم بيننا ومشاركتنا معاً تفاصيل كثيرة يجعل الخيال يتقد ويجعل الواقع يحفل بكثير من المستجدات. لن أذهب إلى الحديث عن التقنيات المنتظرة والتطور الهائل المرتقب تقنياً مع وجود هذه «الروبوتات» بيننا، ولن أتطرق إلى تسارع الحياة بهم وتغير كل شيء من خلالها، كما هو متوقع إلى الأفضل، لكن سأتوقف عند تصريح قرأته أخيراً، من خلال حوار صحافي للروبوت صوفيا، تقول فيه إنها «تبحث عن زوج وترغب في تكوين أسرة». هذا التصريح يخبر بأن تلك الكائنات تقترب منا، من خلال منظومتنا الاجتماعية، التي ترى أن المشاعر والروابط بينها هي من يجعل الحياة أكثر سعادة ونجاحاً، ودعوني أذهب بخيالي بعيداً مع تصريح صوفيا المثير، وأتساءل عن أكثر من شيء لعلي أجد إجابة تجعلني أحلم بفرح لجيل سيأتي من بعدي؛ من سيزوج صوفيا؟ ومن سيكون ولي أمرها؟ كيف ستتعرف على زوجها؟ وهل سيسمح لها بالزواج من بشر؟ أم أن قضايا تنتظرها إن فكرت في ذلك؟

كيف سيكون عقد زواجها؟ ومن سيضمن حقوقها؟ وماذا سيحل بها إن طلقت وهي لا تزال عروساً؟ كيف ستعيش بعد طلاقها؟ وهل سيسمح لها بالعيش الكريم السهل؟ وكيف ستضمن أن تحيا من دون تضييق أو منع من أطفالها؟! أو فرض واقع مؤلم يلزمها تضحيات لا حد لها بسبب أنها أم؟

كيف ستمارس أمومتها مع أطفالها؛ عن قرب أم عن بعد؟ سواء أكانت متزوجة أم مطلقة؟ وهل سيسمح لها السفر أو اتخاذ قرار لمصلحتها ولأولادها من دون إذن الزوج ولي أمرها الحالي؟ ولو طلقت وأصبح لها ولي ولأولادها ولي آخر، هل ستكون رهناً لمزاجية أولئك الرجال وتعنت طليقها مع أبنائها وحرمانهم حياة كاملة مع أمهم؟ لن ينتهي طوفان الأسئلة ولن تنتهي الأفكار، لكنها فرصة مع وجود هذا الكيان الجديد في منظومتنا الاجتماعية أن نعيد النظر في كثير من تشريعاتنا الاجتماعية، التي لا نص صريحاً فيها من قرآن أو سنة، ونبتعد عن آراء بشر صدرت وفق قناعات ضيقة أزهقت حيوات كثيرة لنساء وأطفال بسببها. لا بد أن ينتهي انتقال المرأة من بطاقة إلى أخرى وكأنها لا تستطيع أن تعيش إلا في ظل رجل، ليس عدلاً أن يعيش الشاب حياة وتعيش الفتاة حياة أخرى وهما في مركب واحد. لذا، لا بد من توحيد الحقوق والعدل في الواجبات لينعم كل طرف بتوازنات تنظم المجتمع وتحفظ له كياناته، من الظلم أن ينتصر التشريع لطرف على حساب طرف آخر، ويكون الطرف المغلوب في انتظار عطف لحق هو أحق به.

إطلالة الروبوت «صوفيا» على حياتنا يلزمها ثورة في التشريع الاجتماعي المنضبط بالدين السمح، ونحن، بصفتنا نساء، لا نريد شيئاً يغضب ربنا أو ينهى عنه ديننا، نريد فقط أن ننال ما نستحق بعدل وسمو وكرامة. مللنا الصبر والمحاكم، ومللنا العادات والتقاليد البالية، ومللنا التضحيات تلو التضحيات، فيموت كل حلم في داخلنا لأجل استمتاع طرف آخر بسلطة لا يستحقها، مع قدوم صوفيا والجيل المقبل لا بد من إعادة النظر في مفاهيم القوامة والولاية والسمع والطاعة في المنظومة الأسرية، ولا بد لأهل الحل والربط والفقه والتشريع من تقنين ذلك بنص صريح مطلق لا يقبل تأويلاً ولا يسمح بتفسير مخالف. رؤية 2030 وحلم «نيوم»، وكل ما ننتظره من التحديث في بلادنا يلزمه تحديث أساسات المجتمع عندنا، وبخاصة في مؤسسة الزواج وما يترتب عليها من تداعيات وتنظيمات متلاحقة. من دون هذا التحديث ستكون المتعة ناقصة وسنرى صوفيا إلى جوارنا في كثير من القضايا التي طال الجور فيها علينا بوصفنا نساء.

 


المقال على موقع صحيفة الحياة