• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

سقطوا سريعاً

2017-11-14

سقطوا سريعاً

هل حقاً نحن نعيش صراعات فكرية في مجتمعنا؟ وهل يرى كل تيار أنه الوحيد الذي بيده الحل، ويملك القدرة على صياغة المجتمع في الشكل الصحيح؟ حتى متى ونحن، أفراداً ومجتمعات، عرضة لهذه التجاذبات والصراعات، ودائماً لا بد من تحديد إلى أيها ننتمي؟!

من يتأمل واقع التيارات عندنا في المجتمع، سيلحظ شيئاً غريباً؛ سيرى أن النزعة الفردية هي الطاغية، وأن كل طرف ينتظر أية غلطة للطرف الآخر ليجهز عليه! وما يثير الخوف أكثر، محاولة كل طرف التقرب إلى قوى أكبر؛ لتأليبها على الطرف الآخر، وبث الإشاعات حولها ومحاولة قراءة بعض أفكارها بـ«سوداوية» وتجنٍّ أكثر من اللازم.

من رؤية محايدة، ومن دون الخوض في تأويلات مغرضة، أجد أن كل الأطراف والتيارات عندنا لا تستحق أن ننتمي إليها أو نصدق كل ما تدعو إليه وتنادي به، ودائماً أحدث نفسي: كيف لولي الأمر عندنا هذه الطاقة من الصبر والحلم تجاه تجاوزاتهم وإيغالهم في التجني على مجتمعنا ومحاولة سرقة الحياة منه أو محاولة بث حياة زائفة فيه.ما تزال التيارات عندنا، وبخاصة زعاماتها، يغلّبون مصالحهم قبل كل شيء، ينادون أتباعهم ويدعونهم إلى حاجات معينة، وهم أبعد عنها، هم ومن حولهم من أهاليهم، يستغلون الفرص ويخرجون وكأنهم المهدي المنتظر، ويملكون عصا موسى لأجل الحل وفرض الواقع كما يحبون.

وما إن يظهر خطؤهم نجدهم أول الهاربين وأسرع من يتوارى ويمارس الصمت الأرعن، وإن أجبر على القول نجد منه التملص والتأويل وكأنه لا يخطئ أبداً! لست من هواة الدخول في التصنيفات، ولست ممن يتشفى بتجارب كالصحوة مثلاً، أو يحذر من تجاوزات الليبرالية مثلاً، أو ينتصر لفكرة ليقتل أخرى، أنا مع «إننا أمة وسط»، فلا بد أن نكون وسطيين تماماً في خطئنا وصوابنا، وألا نسمح لأحد بسرقة عقولنا ولا حياتنا، ولا نرضى بشيء يفسد علينا وطننا أو يفعل شيء لا يراه ولي أمرنا! أنا مع أن «الحكمة ضالة المؤمن متى ما وجدها فهو أحق بها». لذا، تهمني الفكرة وليس صاحبها، يهمني المبدأ وليس من وراءه!

عندما نبتعد عن الشخصنة والمصلحة، ونرى الصورة من خلال شاشة أكبر، والمشهد من زاوية أوسع، ستتغير حساباتنا وننتهج الفكر الأصلح ذا العقلانية والفائدة علينا وعلى مجتمعنا.

وهذا الشيء يجعلني أتساءل:

كيف نستطيع خلق جيل قادر على قراءة الفكرة وتحليلها ومناقشتها مع أصحابها، من دون أن نخلق جيلاً «إمعة» لا يعي ما حوله، بحيث لا يكون مجرد تابع ليس إلا، أو يكون الصوت الأعلى لآخرين وهو مجرد صدى لهم من دون وعي منه لما يتحدث به أو ينادي إليه. عصرنا هذا عصر الفكرة والمبدأ، والمجتمعات التي تعي ما تفكر به وتنتصر لها بواقعية وعقلانية هي من تنجح وتتطور.

رؤية 2030 عندما أعلنت، جاءت لتبشر بفكر جديد وعطاء متجدد وتطوير لكل الأفكار ومواءمتها مع مجتمعنا ومتطلباته.

قد نكون في فترة أسرى لنص لم نخرج منه، ولرأي نخاف ونتوجس من معارضته، كنا نخاف من لا شيء، ونحسب ألف حساب لكل شيء، ما جعلنا نفقد المرونة والدافعية في الحياة، فضاقت بنا السبل واختنقت بنا الدروب، وما إن جاءت الرؤية وبدأت في بث الدماء والأوكسجين في الأوردة والشرايين الفكرية والمجتمعية، حتى رأينا كيف دبت الحياة في كل الأرجاء، وكيف فرح بها الكل، ومن كنا نخاف من معارضتهم وجدناهم أول الداعمين، ومن كان يحتمي بنص، جاء لنا بنص ينقضه، وكأننا كنا نعيش وهماً لا وجود له.

الحمد لله أننا، حتى وإن تأخرنا، فإننا ما نزال نملك الوقت وما نزال قادرين على اللحاق، وما نزال نملك من يعرف متى يقرر وكيف يقرر؟

القرارات التحديثية الأخيرة، التي صدرت، والقرارات التي ستصدر، ستجعلنا نعيد النظر في حكمنا على النخب عندنا وعلى التيارات المتعصبة لتيارها، وتجعلنا نؤمن بأنفسنا وبعقولنا قبل كل شيء، ونطمئن أننا مع صاحب قرار يعرف مصلحتنا قبل أي شيء، ويعرف ما نحتاج وما لا نحتاج إليه، ويعرف جيداً كيف يفرض الأمر ويلجم أفواه كل متخاذل أو متبع لمصلحته الفردية من دون مصلحة المجتمع عموماً.


المقال على موقع صحيفة الحياة