أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..
إصداراتي
نريدهما معاً
2017-11-14
ثنائية الرجل والمرأة من مكونات الحياة الرئيسة، ولكن نظرة المجتمعات إليها هي التي تخلق تقارباً وتباعداً بينهما!
ومما لا شك فيه أن طرفي كل حياةٍ رجلٌ وامرأةٌ، وبينهما تحدث التفاعلات والتجاذبات وكل ما تحتاج إليه الحياة لتستمر.. ومهما حاولنا قراءة العلاقة بين الرجل والمرأة، فلن نخرج بحقيقة قطعية ولا نص ثابت، فلكل مجتمع رؤيته، ولكل فرد نظرته الخاصة، التي تحكمها ظروف ومتغيرات عدة.
يحق لنا هذه الأيام أن نقول إننا نعيش عصر انتصار ذهبي للمرأة السعودية، انتصار حقيقي أنصفها وأعاد إليها بعض ما حرم عليها «عرفاً»، ففي كل يوم تهديها «القرارات الحكيمة» بسمة بتخليصها من قيد كان يعطلها عادةً وتقليداً من دون نص شرعي فرضه الله ورسوله عليها... ما يهمنا الآن، هو كيف نضمن أن هذه القرارات ستجعل حياة مجتمعنا، برجاله ونسائه، أسهل؟ من دون وجود ثنائية مجحفة أو بناء أسوار عالية من الخوف على المرأة تجعلها تعود إلى الوراء بقيود اجتماعية جديدة، على رغم انتصار القرار الحكومي لها. قرار قيادة المرأة السيارة، يلزم أن يتبعه تشريعات تسمح للمرأة أن تقود حياتها بنفسها، وفق ما تربت عليه من قيم ومثل عليا دينية واجتماعية... وتشارك بنفسها وبذاتها في كل ما تحتاج إليه وتريده. المشاركة التي أعنيها، تتعدى السماح لها بالمشاركة الأصعب، من خلال حضور حفلة فنية، أو البحث عن تشريع لحضور مباراة رياضية، الأمر يتعدى ذلك إلى دائرة الحياة الأوسع. نريدها أن تذهب بنفسها لزيارة مدرسة ابنها ومتابعته إذا احتاجت، وتطمئن عليه تعليمياً وتربوياً من دون التضييق عليها بمكان منعزل أو من خلال هاتف لا نعرف متى يرد ومتى يتفاعل معنا. ونريد الرجل أن يزور مدرسة ابنته إذا احتاج أيضاً، ويقوم بدوره لو كانت الأم غائبة لأي سبب!
نريدها سيدة أمرها في المستشفيات، وتتولى أمورها بنفسها كالرجل تماماً، في الموافقة على الجراحات الخاصة بها أو بأحد أبنائها، من دون الحاجة إلى توقيع ولي أمر من الرجال فقط.
نريدها أن تراجع أمورها بنفسها في الدوائر الحكومية، وبخاصة الأحوال الشخصية والأوراق الثبوتية، من دون الحاجة إلى معرف أو وكيل أو شهود. نريدها أن تنال حقها مثل الرجل في السفر، ويطبق عليها ما يطبق عليه من إجراءات السماح له بالسفر، من دون الخوض في أنظمة تعسفية تسمح لولي الأمر المتعنت، وأعيد المتعنت، وما أكثرهم، بحرمانها من الحياة بسبب فرصة منحت له للنيل منها استغلالاً أو انتقاماً وهو لا يستحقها.
نريدها أن تكون ولية أمرها في شأنها كله، إلا في ما أمر الله بأن يكون لها ولي فيه، لا نريدها من يد ليد، لا نريد بعد كل فقد تنتقل ملكية ولايتها إلى آخر من دون موافقتها أو الأخذ برأيها، أو تقويم لأهلية من ولي أمرها، لتحديد مدى صلاحيته وتقواه لله في ما ولّي عليه. نريدها أن تنال كامل حقها في الإرث والحقوق، وتعرف كل صغيرة وكبيرة في ذلك، من دون أن يستأثر الذكور بالمعلومة ويحرمونها من المعرفة، ولا يخافون الله فيها، فيمنحونها القليل ويستأثرون بالكثير، وهن بلا حول ولا قوة، ولو اعترضت إحداهن فالويل والثبور ينتظرها، وعذابات لا حد لها ستحيط بها. نريدها كالرجل في الحقوق الوظيفية والتعيين والترقيات والرواتب، من دون الخوض في اجتهادات ما أنزل الله بها من سلطان.
لا نريد ممارسات ضد طالبات الجامعات تعسفية لا يتعرض لها الطلاب أنفسهم، هم سواسية في الحقوق والواجبات، فلم التميز والتفرقة في التعامل بينهما؟ نريدها محل ثقة من الجميع، من دون إشهار سيف منظومة الأخلاق في وجهها والتغاضي عنها في حديثنا ومحاسبتنا للرجل، على رغم أن الأخلاق والحياة تفاعل بين رجل وامرأة! نريدها أن تتخلص من عبارة «وفق الضوابط الشرعية» ومن «يوجد مكان مخصص للسيدات» لأن الدولة كلها بدستورها وأنظمتها وقراراتها تسير وفق الأنظمة والضوابط الشرعية، لذا فلا خوف على المرأة السعودية أو منها مادامت الضوابط الشرعية منهج الدولة السعودية.
نريد أن نغير مفهوم «خصوصية المرأة عندنا» ليكون الثقة بالمرأة السعودية أكثر من الخوف منها وعليها.
لا نريد توظيف أحاديث نبوية في غير محلها كحديث «هل ترضاه لأختك»، ما أجمله أن يكون احتراماً لا خوفاً، وما أروع أن نعلي حديث «استوصوا بالنساء خيراً» ونجعله الحديث الأول في تعاملنا مع المرأة. لا نريد فصلاً في الحياة بين الرجل والمرأة يمتد في حياتنا بعد شوال القادم، لا نريد عند حدوث حادثة، لا سمح الله، ألّا نسمح لرجل بمتابعة الحادثة وننتظر امرأة لتباشره، ولا نريد أقساماً للمرور يتم الفصل فيها وتتعطل الأمور بسببها أكثر. ولنا في تجربة الجوازات والأحوال المدنية خير برهان، فعلى رغم جودة العاملات فيهما فإن سير الأمور في أقسام الرجال أسرع وأسهل وأقل تعقيداً. باختصار، نريد حياة نتعايش فيها جنباً إلى جنب من دون خوف وتوجس، ومن دون الحاجة إلى صناعة أسوار والبحث عن تفرقة ومسارات منفصلة. كلنا مجتمع واحد موحد بالله ومعتز بدينه وقيمه، فلم الخوف والبحث عن حلول صعبة وقرارات باطنها العذاب وظاهرها الرحمة والحرص. القرار يصدر من ولي الأمر لتكون حياتنا أسهل، فلا نسمح لأفكار بالية أن تمنع الأوكسجين عن هذه القرارات فيفقد المجتمع حياته ويموت روحياً ويبقى جسداً بلا حراك.