أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..
إصداراتي
صواب وخطأ
2017-10-04
الصواب والخطأ ثنائية تحكمان طرفي الحقيقة والواقع في أمور حياتنا، ومن يتتبع تطور الحياة وتداعيات أمورها تكاد تتلاشى عنده نظرية الصواب المطلق والخطأ المطلق، والتفكر في هذا الشيء يجعلنا نخوض في جدلية، لا ندري كيف سنخرج منها، ولا ندري كيف سيقنع بعضنا الآخر بها.
التحولات الاجتماعية في مجتمعنا، التي لا يحكمها نص شرعي واضح وبيّن، تنهي كل صواب رأي وتبطل كل خطأ مع كل تغير يواكب المجتمع وأفراده، لذا فإننا نخطئ كثيراً عندما نحمل «شرعنا» أمراً هو منه براء، بل لا بد من نسبة الرأي والحكم إلى قول واجتهاد أحدهم، الذي له مسبباته وآراؤه التي نحترمها، لكننا لسنا ملزمين بها متى بدا لنا رأي أكثر منه صلاحاً ونفعاً.
من نعم الله على بلادنا أن ولي الأمر فيها يجل شأن العلماء ويقربهم إليه ويجلس إليهم، يعرض لهم ما يستجد ويستمع إليهم ويعرف منهم العلم الصحيح الموافق للكتاب والسنة.
قضايانا الاجتماعية ينطبق عليها قول نبينا محمد عليه الصلاة والسلام: «أنتم أعلم بأمور دنياكم» وهذا التشريع، من نبينا المصطفى، يمنح أهل الحل والعقد عندنا تأمل مشهد الحياة، ومحاولة ضبط الأمور والأحكام بنص قطعي، أو بتغليب مصلحة مرحلة مع الحفاظ على الكيان الاجتماعي، وفق منظومة القيم التي نتمتع بها وتحرسنا، بإذن الله.
ما صدر عن مقام خادم الحرمين الملك سلمان أخيراً، من إقرار قيادة المرأة السيارة وحسم أمر جدلي طالب به كثيرون واختلف فيه كثيرون جعل الأمور في نصابها الحقيقي، إذ صدر القرار، ومنح وقتاً لتستعد كل جهة بدورها، وليستوعب المجتمع أبعاده ومسؤولياته فيقوم بواجبه، وتصدر بعدها التشريعات اللازمة، التي تحفظ للمجتمع أمنه وأمانه. إقرار قيادة المرأة السيارة أغلق باباً كبيراً لأعدائنا في الخارج، وجعلهم يبحثون عن أشياء أخرى ينتقدوننا عليها، هم لا يعرفون أن التحديث في مجتمعنا له أصوله ووقته المناسب، وما تأخر شيء إلا لخير، وأمر القيادة تحديداً، عندما صدر رأينا كيف استقبله كثيرون بإيجابية ودعم، ورأينا كيف أن كثيراً مما كان في المنتصف بارك القرار، ومن كان مختلفاً، احترم وجهة النظر ودعا بالخير للمجتمع كله.
من حق البعض أن يعترض ويرفض القرار، وهذا شأن خاص به وبأسرته، على أن يمارس اعتراضه داخل أسوار بيته من دون أن يتجاوز اعتراضه محيطه ليمارس وصاية كاذبة على غيره ممن اختلف معه تقبلاً للقرار، وحبذا لو كان اعتراضه بالاتفاق لا الإجبار مع أهله من النساء، لأن الدولة، بصفتها، جهة التشريع، منحت الضوء الأخضر، وضمنت كل ما يكفل للقرار النجاح من ضوابط وتشريعات، وتركت الباب موارباً للعائلات لاتخاذ ما تراه مناسباً. الآن وقد صدر القرار، وتلاه الأمر السامي بالعمل على إصدار قانون للتحرش، فالكرة في ملعبنا نحن - الشعب - لنثبت حضارية تعاملنا مع الأمر وفق عقلانية «ممنهجة» من دون الخوض في حراك يعوق سلاسة التنفيذ، من خلال سلبية تعامل أو إعاقة تنمية له بسبب فردية رأي لا صحة لها. لا بد أن نهتم بالميثاق الأخلاقي، ونعلي منظومة القيم عندنا، من دون الحاجة إلى أن تكون تلك اليد الحديدية حاضرة بالقرب لتضرب من يخرج على النص، فما أجمل أن تكون موجودة لا تتأخر عن ردع متبجح باعتراضه، ترتفع لتعيد للفرد المستهتر رشده وصوابه، من دون أن نضطر إلى استخدامها كثيراً.
قرار قيادة المرأة قرار حكيم أتى في حزم في الوقت المناسب، ليزيد فعالية وإنتاجية المواطن السعودي، رجلاً كان أم امرأة، ما سيقلل من الحضور الأجنبي من العمالة في بيوتنا وكشفهم عوراتنا، وللبحث عن راحة واطمئنان الأسر لتدبير أمورها من دون الحاجة إلى آخرين، بحيث تستطيع المرأة أن تهتم بنفسها، وتقضي أمورها من دون الحاجة إلى غريب تتوجس منه وترتاب.
الحلم الذي أصبح حقيقة، والمستحيل الذي أصبح واقعاً في العصر الذهبي للمرأة السعودية، يشجعنا نحن - النساء - على طرح أسئلة كبرى على مائدة الأمل الواثق بقرارات الحكمة والحزم، والثقة بقيادة أعزت المرأة ورفعت شأنها، ووقفت في وجه كل من رآها ناقصة أهلية، حتى في ما يتعلق بأدق أمورها وحقها في تقرير مصيرها. هل سنسمع قريباً قرارات تثلج صدورنا، في ما يتعلق بتعديل صلاحيات ولاية الأمر، لتكون رحمة على المرأة لا سوطاً مسلطاً عليها يستخدمه من نزعت من قلبه الرحمة للاستغلال أو الانتقام؟ وعوداً على بدء، لنكن على يقين أن الصواب ليس مطلقاً والخطأ ليس دوماً، فكل شيء يتغير ويتبدل متى رأينا الخير فيه، شريطة رضا ربنا علينا من قبل ومن بعد.