أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..
إصداراتي
تغيير المجتمع مطلب
2017-10-04

الدول والمجتمعات التي تراهن على شبابها لن تخسر أبداً، لذا تجتهد الحكومات في إعادة صياغة خطط التنمية وتحديث الأنظمة التي تلبي رغبات الشباب، وتستوعب طموحاتهم وتلبي حاجاتهم.. منذ أطلت علينا رؤية 2030 وكل شيء فيها ينطق بأن كل شيء مهيأ للشباب، ليمارس دوره ويقوم بواجباته، مع التكفل له بكل حقوقه، وبدأنا نرى مبادرات حقيقية للشباب وفرصاً لمشاريع تستوعبهم، وفتح المجال لكفاءات شابة لتولي مناصب حساسة في أماكن عدة لتجديد الدم وتهيئة السبل لثقافات عدة في العمل والفكر والتنفيذ والمتابعة، والتسريع في وتيرة التطور ومواكبة التغيرات، واستيعاب ما يجري حولنا، والتحصن بثقافاتنا وهويتنا، التي تحفظ لنا كياننا ووجودنا على الخريطة.
ونحن، بصفتنا مجتمعات، لا بد أن نواكب هذه الرؤية وهذا التطور في منح شبابنا الفرصة ليعيش ويقرر من دون الصرامة الأبوية والتقاليد الأسرية.. التي تجعل شبابها يعيش حيوات لا يستطيع التكيف بينها..! ورأينا كثيراً كيف أن أبناءنا عندما سافروا للدراسة بالخارج.. اعتمدوا على أنفسهم وتكيفوا مع حياتهم الجديدة، وعاشوا وفق ما توفر لهم من مال وفرص.. ومن زادت طلباته لجأ إلى العمل والبحث عن مورد إضافي، ومن وجد في وقته فراغاً التحق بدورة أو ببرنامج تطوعي ليطور ملكاته ويضيف إلى خبراته.. كثير من الأهل فوجئوا بتغير سلوكيات أبنائهم.. وقدرتهم على التحمل وتجاوز الصعوبات من دون إرهاقهم بشيء، بل وجدوا تفاعلاً منهم عن بعد، ومحاولة لخلق فرص لإخوتهم وإمدادهم بما يحتاجون إليه، وما فيه فائدة لهم..
لكن ما إن يعودوا إلى بلادهم حتى ينسوا ما كانوا عليه.. ويعودون إلى عادتهم القديمة في الاتكالية على الأهل وعدم تحمل المسؤولية وإرهاق الوالدين بالمصاريف والمتابعة، بل والبحث لهم عن وظائف، وأشياء أخرى، وكأنها حق واجب على أسرهم تجاههم..! ونتساءل حينها..
الشاب هو هو، الشاب نفسه، والأهل هم هم.. لكن المجتمع والثقافة والوضع العام هو من تغير، لذا لا بد لمجتمعنا أن يلحق بالمجتمعات الأخرى ويجدد في آلياته ليفرض واقعاً مختلفاً للحياة التي نحتاج إليها مستقبلاً.. الدولة عندنا في خططها التطويرية تريد التخلص من الكيانات المثقلة، وبث روح الخصخصة فيها، لكي تعود إليها الحياة وتتطور إلى الأفضل.. لذا، في المقابل، لا بد للأسر أن تساعد هذه الخطط الحكومية في بث روح جديدة في الشأن الاجتماعي عندنا، وفي فلسفة فكر وتطور المجتمع. نحن لا نريد أن نكون مثل الغرب تماماً.. ونجبر أولادنا بعد سن الـ18 على الخروج من البيت وشق طريق حياته بنفسه.. ولكن نريده بعد مرحلة الثانوية تحديداً.. أن تخرج مشاركته في الناتج القومي لأسرته، ويصبح عنصراً فعالاً وإيجابياً في منظومتها المتعددة الأغراض.. الحياة لم تعد سهلة، لذا لا بد من توسيع دائرة المشاركة لتشمل فئات عدة من المجتمع.. فمن الظلم أن يعيش الوالدان وحدهما مسؤولية أولادهما العمر كله! فما نراه في مجتمعنا أنه حتى بعد زواج الأبناء، مازال الوالدان هما الحلول السهلة لأولادهم وقوة الإنقاذ لهم..! لن يجدد الشباب في أدوارهم، وهم على يقبن بأن آباءهم وأمهاتهم بالجوار دوماً ولن يتأخروا..! أسرنا كبيرة، وأعدادها تفوق ستة الأشخاص غالباً، لذا يحتاج الوالدان إلى أن يتخففا بعض الشيء، ليتفرغا للبقية ويمنحاهم الرعاية والمتابعة اللازمة..! ليت شبابنا يجتهدون ليريحوا أهاليهم، وليت الوالدين يمنحان أولادهم مساحة من الحياة بعيداً عنهم، مع الحفاظ على حق الوالدين بالبر والرحمة، وحق الأولاد في التوجيه، ومد العون متى ما احتاجوا إليهم..!
حديثي هنا ليس مقصوراً على الشباب وحدهم من الذكور، بل يتعداه إلى الإناث أيضاً.. وما أراه وألمسه أنه، على رغم القيود على حركة الفتاة عندنا، فإنها تجتهد أكثر في صناعة استقلالية لها مالياً وفكرياً، مع حفاظها على السمت العام وتكيفها الرائع مع كل الظروف الصعبة، التي تحيط بها، التي لو وجدت بيئة تشريعية متطورة ونهضة اجتماعية متقدمة لاستطاعت اختصار كل شيء والوصول بسرعة إلى ما تريد ويريده منها المجتمع..
والدليل على ذلك ما نراه من ابتكارات شبابية بجهود وعقول سعودية تجاوزات طابور انتظار الوظائف التقليدية لصناعة وظائف هي وليدة حاجة المجتمع وأفراده.. في نظري لا بد لعلماء الاجتماع أن يطرحوا مبادراتهم في تطوير حركة التغيير بالمجتمع وتوجيهها وفق ما تحتاج إليه مجتمعاتنا، والاستفادة من التجارب الدولية في ذلك.. ومن المعلوم أن حركة تغير المجتمعات واستيعابها لا تتم من دون فلسفات نظرية تكفل لها التطبيق العملي الناجح..
وعلماء الاجتماع ومراكز البحث العلمي خير من يحدد إطارات النمو والتغيير، لنصل إلى بر الأمان متى ما منحوا الضوء الأخضر وسمح لهم بقول الحقيقة كاملة على رغم كل صعوباتها وآلامها..