• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

ما ضاقت إلا لتفرج

2017-08-23

ما ضاقت إلا لتفرج

تزايدت أعداد المرضى الذين يعانون من الاكتئاب بصورة غير عادية في السنوات الأخيرة، لكن الأطباء يؤكدون أن ذلك لا يعني تفاقم الأوضاع في هذه الفترة، بل يشير فقط إلى أن الكثيرين لم يعودوا يتوارون عن الأنظار، ويعانون في صمت، بل أصبحوا أكثر تقبلاً للاعتراف بإصابتهم بذلك، ويبحثون عن المساعدة الطبية. وتثبت الإحصائيات الحديثة صحة هذا التحليل للأوضاع، فقد تراجعت أعداد الأشخاص المنتحرين في العالم بنسبة كبيرة بمعدل 25 شخصاً يومياً كما أوردته بعض الإحصائيات مؤخراً، وهو الأمر الذي يمثل تطوراً إيجابياً، وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من خمسة ملايين يصابون سنوياً بالاكتئاب، ونسبة النساء بينهم ضعف نسبة الرجال، وليس صحيحاً أن معدلات الإصابة بالاكتئاب تتزايد بصورة طردية مع تقدم السن رغم زيادة الإصابة بالأمراض العضوية، بل إن مما لوحظ مؤخراً إصابة بعض المراهقين والشباب به، بسبب صدمات لم يتكيفوا معها واستسلموا لها وغادروا مشهد الحياة مبكرين! ويشير الأشخاص الذين مروا بتجربة الاكتئاب إلى أنه إحساس فظيع وغريب للغاية، حيث يشعر الإنسان بأنه لا يجد أرضاً يقف عليها، ولا طريقاً يسير عليه، وأن هذه الحال لا تشبه أي مرحلة ضيق أو حزن سابقة مهما كانت مرارتها، ويرى الأطباء أنه لا يمكن الحديث عن الإصابة بالاكتئاب إلا بعد أن تستمر أعراض هذا المرض بصورة متواصلة لمدة لا تقل عن أسبوعين، ويتزامن الشعور النفسي السلبي الحاد مع حال متواصلة من الإعياء الشديد، وانعدام أي مشاعر فرح أو رغبة في القيام بأي شيء، واضطرابات حادة في النوم والشهية، وفقدان الوزن في كثير من الحالات، وعدم القدرة على التركيز والميل للشعور بالذنب والإحباط، فتنتاب المريض أفكار سوداوية، تصل في بعض الأحيان للرغبة في إلحاق الأذى بنفسه.

ويتحدث بعض المرضى عن شعورهم المستمر بالتوتر وكأنهم مقبلون على اختبار عسير للغاية، وبأنهم يمثلون عبئاً كبيراً على كل من حولهم وبخاصة أسرتهم، وفي بعض الحالات تحدث المرضى عن فقدان الشعور بأي شيء، ولا حتى الحزن، وعدم القدرة على البكاء، ويشدد الأطباء على أهمية التشخيص الصحيح لهذا المرض، وعدم الانشغال بالأعراض البدنية، ومحاولة علاجها بعيداً عن السبب الأساس لحدوثها، ويقل متوسط أعمار الأشخاص المصابين بالاكتئاب بمعدل عشر سنوات عن الشخص غير المصاب.

وتؤدي الإصابة بالاكتئاب إلى أن يركز الشخص على المشاكل والأشياء السلبية في حياته، ولا يرى غيرها، وتتضخم للغاية حتى تصبح هي الأمر الوحيد الذي يراه طوال الوقت، مثل أن يصبح خلافاً عادياً في العمل، إلى كارثة لا يرى منها فراراً، وبأن وضعه أصبح يائساً لا حل له على الإطلاق، ولكن إذا نجح العلاج يعود له الشعور بالأمل، ويسترد طاقته وحبه للحياة، ورغبته في التخلص من المشكلات، التي تتضاءل، وتصبح في حجمها الطبيعي. ويربط الأخصائيون بين الإصابة بالاكتئاب وبين الصفات الوراثية للشخص، أو التعرض لصدمة نفسية أو للاعتداء الجنسي في الطفولة، ويبدأ المرض تدريجياً، ويتفاقم إذا لم يتم علاجه بسرعة، ليستمر أسابيع أو شهوراً، ثم يتراجع في كثير من الحالات، لكنه يمكن أن يعود مرة أخرى، خاصة إذا كان ذلك متوارثاً. ويعرب الأخصائيون عن أملهم في تقبل المجتمع للمصابين بالاكتئاب، وعدم اعتبارهم أشخاصاً ضعفاء أو فاشلين، الأمر الذي سيشجع من يشعر بأي أعراض لهذا المرض، من البحث عن العلاج، دون خجل من المجتمع المحيط به، علاوة على ذلك لا بد من أن تسعى الحكومات لتوفير الإمكانيات للعلاج لكل من يحتاجه، ومن دون انتظار على الإطلاق، لأن العذاب الذي يشعر به المريض لا تجوز الاستهانة به. ومن الأشياء التي يرى الأخصائيون أنها سبب مهم في الشعور بالاكتئاب هو الانشغال بالشأن العام أكثر من اللازم والانغماس في مشاكل المجتمع بصورة أكبر، وكأنك المنقذ الوحيد لها والمسؤول الأوحد عنها، لذا يحذر كثيرون من قراءة كل الأخبار وتتبع الإشاعات والغرق في السوداوية. لا شيء يهزم الاكتئاب مبكراً مثل الإيمان بالله الرحمن الرحيم، واستشعار قربه منا، مما يبث روح التفاؤل، كذلك السماح بالتعددية في الرأي، والإيمان بأن هناك من يفهم أكثر منا، ومن يرى ما لا نرى، فنمنحه الفرصة ليثبت لنا أن كل شيء على ما يرام، ومتى ما رأينا تقصيراً أو فشلاً فلا يجب أن نصاب بالهلع أو نعتزل الناس ونخاف مجهولاً لا نعرفه! ونؤمن بأن المواجهة والحوار والابتسامة كفيلة بحياة سعيدة متوازنة للفرد والمجتمع معاً.


المقال على موقع صحيفة الحياة