• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

«الآلة» تهدد الإنسان

2016-10-04

«الآلة» تهدد الإنسان

بعد أن استطاع الإنسان الآلي القيام بمهمات العمال في المصانع، إذ أصبحت هناك مصانع تعمل بصورة آلية، يقتصر فيها دور الإنسان على التأكد من عدم حدوث أعطال، فإن الإنسان الآلي الحديث يستطيع القيام بأعمال أكثر تعقيداً، وأصبح يهدد ملايين الوظائف.

وتجدر الإشارة إلى أن وكالة أنباء «أسوشيتدبرس»، أوكلت إعداد الأخبار الرياضية والاقتصادية للإنسان الآلي، الذي يقوم بها بكفاءة عالية وبسرعة فائقة، لا ينافسه فيها الصحافي العادي.

والآن أصبح هناك الإنسان الآلي الذي يقوم بأدوار المحامين، من خلال مراجعة بلايين الوثائق، للرد على الاستشارات القانونية، ويوثق إجاباته بالمصادر العلمية، والمراجع القانونية، علاوة على إمكان الرد بـ20 لغة، ولا ينسى أي معلومة، ولا تفوته أي وثيقة، مما جعل مكاتب محاماة مرموقة عالمياً تعتمد عليه.

ويقوم برنامج «واتسون»، الذي ابتكرته شركة آي بي إم، بتخزين معلومات لا حصر لها، تتيح للإنسان الآلي أن يقوم بتشخيص المرض، من خلال مقارنة صور الأشعة، مع المعلومات المتوافرة لديه كافة، وتكون النتيجة دقيقة للغاية، واقتراح العلاج المثالي.

كما ورد في مؤتمر طبي عالمي، عندما طرح أحد الأطباء سؤالاً عن زملائه، عما إذا كانت ثقة المريض في طبيب عنده 30 عاماً من الخبرة أكثر، أم في برنامج يحمل خبرات عشرات الآلاف من أفضل الأطباء على مستوى العالم.

علاوة على أن هذا الإنسان الآلي لا يطالب براحة أسبوعية ولا عطلة سنوية، ومستعد للعمل 24 ساعة، وعلى عكس مزاعم شركات البرامج العملاقة، التي كانت دوماً تهدئ من روع الموظفين بالقول إن عمل الإنسان الآلي سيقتصر على القيام بالمهمات المتكررة المملة، التي تأخذ وقت الموظف، ليتفرغ الإنسان للمهمات التي تحتاج إلى الابتكار والإبداع، فإن التحول الجاري الآن، يعني أن الإنسان هو الذي أصبح في خدمة الإنسان الآلي.

وتشير العالمة السويدية زابينه يشكه، إلى أنها أصدرت أمراً لإنسانين آليين بتركيب شكل هندسي من المربعات البلاستيكية، وبعد أن اصطدم الجهازان مرة واحدة، أثناء التركيب، قاما بتعديل برامجهما، إذ أصبحت حركتهما متتابعة، يأخذ كل منهما من المكعبات القريبة منه، ويضعها في المكان المناسب، قبل أن يأتي الآخر ويضع بقية المكعبات.

وبذلك فإن هذه الأجهزة أصبحت تتصرف بصورة مستقلة، من دون حاجة إلى التوجيه البشري، بما يعرف بالذكاء الاصطناعي، الذي أصبح حقيقة واقعة.

وإذا دققنا النظر وجدنا عدداً من الوظائف تختفي تدريجياً، فحشو الأسنان يتم الآن بطابعات ثلاثية الأبعاد، بدقة فائقة، وبسرعة البرق، وبكلفة أقل بكثير مما كانت عليه من قبل، والطائرات من دون طيار تحل محل الجيوش التقليدية، وأجهزة شراء تذاكر المواصلات، ومواقع حجر الفنادق والطائرات، ألغت عمل مكاتب السياحة، وفي بلجيكا يوجد إنسان آلي يلبي حاجات المرضى، أفضل من الممرضات، بل والكثير من الأطباء، ومخازن البضائع تعمل آليا، إذ تحصر المعدات الموجودة، والنواقص، ومعدلات البيع، بل وتنقلها من مكان إلى آخر تلقائياً.

وتشير كل الأبحاث إلى أن المستقبل يحمل نوعية مختلفة من الوظائف، كل شركة تستعين بآلاف الخبراء على مستوى العالم، كل واحد يؤدي مهمته ويحصل على أجره، لكن لا راتب ثابت، ولا عطلات سنوية مدفوعة الأجر، ولا تأمينات صحية واجتماعية.

وتوجد حالياً شركة لصناعة سيارات يعمل فيها 116 موظفاً ثابتاً فقط، مقابل 52 ألف مهندس على مستوى العالم من دون عقود، تستعين بكل واحد منهم في لحظة الحاجة، تطرح الأسئلة والحاجات، ومن يملك الإجابة، يقدمها ويحصل على المكافأة، والإنسان الآلي يرتب كل المهمات ويوزعها على الإنسان العادي.

في المستقبل لا يوجد إنسان بحرفة واحدة، بل لابد أن يكون الشخص متعدد المواهب والقدرات، مضى زمن التعلم الجامعي، في دراسة تنتهي بعد أربع أو خمس سنوات، وأصبح موظف المستقبل مطالباً بالتعلم مدى الحياة، لاستيعاب الجديد، وتطوير معارفه، أو ليبقى من دون عمل، في عالم سريع التبدل والتغير. والسؤال ماذا يفعل الملايين الذين سيفقدون عملهم، بسبب عدم مواكبة العصر، وما الهدف من معيشتهم إذا توقفت حياتهم الوظيفية وهم في ريعان الشباب، الإجابة الوحيدة المتوافرة حالياً هو أن يواكبوا العصر، أو ينتظروا أن تقدم لهم الدولة معونات للبقاء على قيد الحياة، أو أن يبحثوا عن وظائف لا يهددها الإنسان الآلي، مثل العمل الاجتماعي، في رعاية الأطفال، أو كبار السن، أو المعوقين، الذين يحتاجون إلى إنسان له مشاعر وأحاسيس، وليس إنساناً آلياً.

لكن الحكمة من كل ذلك هي أن من سيملك الإنسان الآلي في المستقبل، سيكون قادراً على التحكم في العالم كله.


المقال على موقع صحيفة الحياة