أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..
إصداراتي
لتكتمل الصورة
2017-08-09
من الملاحظ أن غالبية المقالات والتغريدات في صحفنا ووسائل تواصلنا، التي تتناول التعليم والصحة والعمل والبلديات والإسكان والجهات الخدمية في بلادنا بشكل عام، ترسم صورة قاتمة عن أداء مسؤوليها، إذ تركز على السلبيات، وتقلل من جهد العاملين فيها، بل وتتجنى كثيراً، فالخطأ يشهّر به حتى لو كان عفوياً وبشرياً، ولا يقبل الاعتذار فيه، أما صائب الأفعال فلا يشكرون عليها، لأنها من وجهة نظرهم واجبهم الذي لا بد أن يقوموا به!
لا يكاد وزير أو مسؤول يتولى منصباً مرتبطاً بمصالح المواطنين مباشرة، إلا وبحث الناس عن مقالاته ومقابلاته الإعلامية السابقة، والكتب التي ألفها، بل والمفردات التي وردت في تغريداته، وقبل أن تمر أسابيع أو شهور قليلة على تعيينه، يبدأ الحساب العسير، ومقارنة ما قاله قبل المنصب بما فعله بعده، وكأن معه عصا موسى يرسم بها خريطة طريق مختصرة تصل برغبات وطموحات كل أحد إلى حيز الواقع المنفذ في أسرع وقت!
صحيح أن الغالبية يتمنون الأفضل لبلادنا، وانتقاداتهم تنطلق من نيات حسنة، ويسكن نفوسهم إحساس بالمسؤولية، لكن من الإنصاف أيضاً أن نرى الصورة متكاملة، وأن نقيس ما تحقق في بلادنا خلال عقود قليلة مع ما تحقق في دول أخرى، من دون أن يعني ذلك أن نخفض من سقف تطلعاتنا، ولا أن تكون أهدافنا متواضعة، بل نظل مستمسكين بالرغبة في الأفضل، لكن من دون جلد الذات أو الغير، أو تصغير حجم الإنجاز والعطاء والنجاحات، مقارنة بالإخفاقات والسقطات، أو الدخول في النيات، ودون أن تغطي النظرة السوداوية كل بصيص أمل، فالأفضل والأجدى أن نفرح بمنجز ونحفز مجتهداً بالشكر، في الوقت الذي ننتقد إخفاقاته برحمة وشفافية مادامت أخطاؤه ضلت طريق الصواب سهواً، أو أن عثراته ليست مبنية على أساسات من سوء النيات، بل سقطت من ميزان الحكمة سهواً!
مشكلتنا هنا تكمن في أننا على قناعة بأن لا أحد يفهم مثلنا، والحل سهل جداً في نظر البعض، ولكن لا أحد يقوم به، وأن المسؤول ما إن يأتي إلى المنصب حتى يبحث عن مصالحه وينسى كل شيء نادى به من قبل، ولا يهتم بما يحدث، لأنه يراها فترة لا بد من استثمارها شخصياً والخروج منها بأكثر المكاسب له ولمن معه قبل مغادرته المنصب!
أظن أن المشكلة في هذا التوتر تكمن في تعامل المسؤول وطاقمه مع الرأي العام، من خلال شبكة العلاقات العامة والإعلام لإدارته، ومدى تفاعلها مع الآخرين، سواء أكانوا أشخاصاً أو أفكاراً وما إلى ذلك.. ويوضح الخبراء أن شبكة العلاقات لها أهمية كبرى، فهي تتيح للشخص المستفيد منها أن ينقل أفكاره الجيدة إلى حيز الواقع، وتساعده في تحقيق أهدافه وطموحاته، من خلال دعم الأفكار الصحيحة وإيصالها في قالب يستوعبه المجتمع ويتفاعل معه فيها، بل ويمده بالمقترحات إن لزم الأمر، ويشعر من خلالها بأنه شريك فيها، ويلزم ذلك لينجح اختيار الأشخاص الصحيحين، الذين يثقون بقدرات مؤسسة العمل وقائدها ويعرفونها جيداً، مع التأكيد أن شبكة العلاقات تقوم على الأخذ والعطاء، أي ألا يقتصر الأمر على الاستفادة من الآخرين، من دون أن يمد الشخص والمؤسسة العون لهم إذا احتاجوا إلى مساعدته.
ولكن الخبراء يوضحون أنه ليس المقصود هنا أن تؤدي هذه العلاقات إلى المحسوبية والتأثير السلبي بممارسات شراء أصوات معينة لفاعلين في المجتمع لأجل أن يتغاضوا عن أي تقصير لهم ويدافعوا عنهم زوراً وبهتاناً
بل لا بد أن تضمن ألا يوصي أحد بفكرة أو بشخص، إلا إذا كانا يستحقان ذلك، وأن يساعد ذلك الآخرين في العثور على من يستوفي كل تلك الشروط، ويكونا فوق ذلك جديرين بالثقة، ولا تعتمد التوصية على رأي غير محايد، وكلام غير موثق، بل يجب أن تقدم الإدارة كل ما عندها عن الفكرة أو الشخص المعين بشفافية تامة تضمن الثقة والثبات في ما يناط به من عمل.
ويعترف خبراء العلاقات العامة بأن شبكة العلاقات لها هدف آخر، هو أن يتبادل الشخص الرأي مع أشخاص في مستواه الوظيفي والفكري نفسه، ولا يكون في حاجة إلى التباهي أمامهم لإثبات قدراته، بل يتحدث من دون تكلف أو تحفظ، ويجد من يتشاور معه بالصدقية نفسها وبصورة بناءة، ويرون ضرورة ألا تقتصر العلاقة على «إنترنت»، بل لا بد من اللقاء من وقت إلى آخر، لأن البعد الإنساني مازال مهماً في العلاقات. مضمار العلاقات العامة هو الميدان الأجمل للركض بالمؤسسة وبرامجها لتحقيق الغايات والأهداف في إطارها الصحيح، وكلنا نرى كيف تدفع الشركات العملاقة لأجل العلاقات العامة مع الآخر وتحسين الصورة الذهنية لها مع المتلقي لخدماتهم، وفق أفكار وطرائق علمية مدروسة.
لذلك لا بد من إعادة صياغة لإدارات العلاقات العامة عندنا، وبخاصة في الشأن الحكومي، وتطوير أدائها ليجعل من المنشأة كياناً متفاعلاً ذا إنتاجية مثمرة، وقادر في الوقت نفسه على تجاوز المشكلات، والاعتذار عن الخطأ بشجاعة، والنهوض من كل كبوة بعدها.