• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

الرحمة يا مديرون

2017-07-05

الرحمة يا مديرون

تسعى غالبية المؤسسات الوظيفية إلى رفع الإنتاجية فيها، وذلك من خلال تشديد الرقابة على الموظفين، بحيث يقدمون أقصى ما في وسعهم خلال ساعات الدوام، بل ومطالبتهم بساعات عمل إضافية للانتهاء من مهماتهم في الموعد المحدد، ولا تتورع بعض المؤسسات عن منع الموظفين من استخدام هواتفهم الخاصة أثناء وقت العمل، وتراقب المواقع التي يطلعون عليها من خلال أجهزة العمل.

لكن الإحصاءات العالمية تشير، مثلاً، إلى أن معدلات الإنتاجية في الولايات المتحدة، مثلاً، منذ 2010 وحتى الآن لا تزيد على 0.4 في المئة، في حين أنها كانت في الفترة من 1995 وحتى 2010 تبلغ 2.6 في المئة، ما يؤكد أن الاستراتيجيات التي كانت ناجعة في الماضي فقدت فعاليتها، وأصبح ضرورياً البحث عن استراتيجيات عملية جديدة تتلاءم مع التغيرات الهائلة التي جرت في السنوات الماضية.

وتوصلت دراسة لجامعة ستانفورد المرموقة إلى أن إنتاجية الموظف الذي يعمل 70 ساعة أسبوعياً، لا تختلف على الإطلاق عن الموظف الذي يعمل 56 ساعة أسبوعياً، وفي المقابل توصلت دراسة حديثة لمجموعة بوسطن الاستشارية إلى أن تقليل عدد ساعات العمل، وزيادة فترة الاستراحة عند الفرق الاستشارية يؤدي إلى زيادة إنتاجيتها وليس نقصها.

وأوضحت المشرفة على الدراسة أنها قامت بسلسلة من التجارب مع عدد من الفرق الاستشارية، زادت خلالها من عدد الاستراحات أثناء العمل، كما ألزمت الجميع بتخصيص يوم في الأسبوع ينتهي فيه الدوام مبكراً، وهو الأمر الذي استغربه أفراد الفريق في البداية، لكنهم أصبحوا بعد ذلك أقدر على العمل بطريقة أكثر فعالية في وقت أقل، وقالوا إن التوازن الذي تحقق في حياتهم من خلال القدرة على الجمع بين العمل والحياة الشخصية جعلهم بعد ذلك أقدر على التحدث مع بعضهم بصورة أكثر انفتاحاً، والتعلم من بعضهم بطريقة أفضل وأسرع، علاوة على أن قضاء الاستراحات مع بعضهم زاد من حماستهم للعمل والارتباط بينهم. وبناء على هذه التجارب قررت، مثلاً، شركة تويوتا في فرعها في مدينة جوتيبورج السويدية أن تقتصر عدد ساعات العمل على ست ساعات يومياً، وقالت الشركة إن النتائج كانت إيجابية للغاية، إذ قلت حوادث العمل وارتفعت حماسة الموظفين. كما توصلت دراسات أخرى إلى أن الكثير من المؤسسات أهملت مشكلة كبرى تؤثر سلباً في الإنتاجية، وهي شعور الموظف بزيادة ضغوط العمل والإجهاد، وتكفي الإشارة إلى أن الإجهاد تسبب في الغياب بمعدل 15 مليون يوم عمل في المملكة المتحدة وحدها، كما توصلت استطلاعات رأي شارك فيها أكثر من 22 ألف موظف من 12 دولة، إلى أن الإجهاد لا يؤدي إلى الغياب، بل يعوق القدرة على التوصل إلى قرارات، ويؤثر سلباً على السلوك القيادي، وينتهي بالاحتراق الذاتي.

وبناء على كل ذلك، طالب علماء متخصصون في استراتيجيات الإدارة بضرورة القيام بتحول جوهري يعتمد على شعور الموظفين بالراحة النفسية والبدنية، من خلال تخفيف الضغوط عليهم وتوفير مناخ عمل أفضل، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته في شركة غوغل التي استطاعت أن تزيد إنتاجيتها بمعدل 42 في المئة خلال الأعوام الثلاث الماضية، كما استطاعت شركة تريفاغو أن تتوسع في أكثر من 55 سوقاً منذ نشأتها في 2005، وأن تحقق نمواً سنوياً في الإنتاجية بمعدل 14 في المئة.

ويمكن إيجاز أهم عوامل تخفيف الضغوط واكتساب المناعة ضدهما في، أولاً: الحصول على عدد كافٍ من ساعات النوم، بحيث لا تقل عن ثمان ساعات، وهو الأمر الذي يرفع من القدرة على التركيز والابتكار واتخاذ القرارات الصحيحة، وكذلك التحكم في المشاعر والانفعالات.

وثانياً: التأمل بصورة منتظمة، الذي يسهم في تجديد خلايا المخ، ويقلل الإجهاد والشعور بالخوف بنسبة تفوق 50 في المئة.

وثالثاً: ممارسة الرياضة باستمرار، وهو الأمر الذي له أيضاً تأثير كبير في المخ، بحيث ينتج الكثير من الهرمونات الإيجابية، ويساعد في تجديد الخلايا، ما يسهم في زيادة الفاعلية والإنتاجية.

ويطالب العلماء مديري الشركات بأن يغيروا نظرتهم ونظرة موظفيهم إلى مفهوم العمل والوظيفة، وأن يمنحونهم المزيد من الحرية والاستقلالية والمشاركة في تحمل المسؤولية، وتوفير مناخ مريح للعمل، والتوقف عن الاتصال والمراسلات بالموظفين بعد مغادرة مكان العمل، إلا في حال الضرورة القصوى، وعمل نظام مكافآت لتشجيعهم، حتى على ممارسة الرياضة والنوم لساعات كافية، والتركيز على الإنتاجية، بدلاً من مراقبة توقيع موعد الحضور والانصراف، والجلوس على المكتب، وعدم التحدث مع الزملاء، عندها يمكن تحقيق معدلات إنتاجية عالية، مثلما يحدث في شركات وادي السليكون، ذات النتائج الخيالية.


الموقع على صحيفة الحياة