• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

الإرهابي لا يستحق!

2017-06-29

الإرهابي لا يستحق!

يتردد بعض علماء الدين كثيراً في وصم إنسان بالكفر، أو القول «إن من يفجر نفسه وسط الأبرياء يكون بفعلته هذه ارتد عن دينه»، ويبررون ذلك التردد بأن منهج التكفير هو الذي أدى بأصحاب الفكر الضال إلى هذا المنحى الخطر من استباحة دماء الأبرياء، ولذلك لا ينبغي على علماء الدين أن يستدرجهم هؤلاء إلى هذا المنزلق، ولا أن يفرضوا عليهم «قواعد اللعبة» في التعامل معهم. ويزيد في التعقيد أن بعض أساتذة العلوم الشرعية صرّحوا في مؤتمرات صحافية في الشرق والغرب بأن الفلسطيني الذي يفجر نفسه في حافلة للمستوطنين الإسرائيليين إنما هو استشهادي وليس منتحراً، لأنه لا يملك أية وسيلة أخرى للدفاع عن وطنه المستباح وعن أبنائه ونسائه، الذين تحصدهم قنابل ومدافع وبنادق الجنود الإسرائيليين، وبموافقة المحتل الصهيوني بكل أفراده من عسكريين ومدنيين.

وإذا قيل إن تفجير النفس مشروع في الإسلام، إذا تعلق الأمر بفلسطين، فهل يسري ذلك أيضاً على ميانمار، التي كانت تعرف باسم بورما، والتي يتعرض فيها المسلمون للظلم الذي لا يقل عما يتعرض له الفلسطينيون؟ وهل يكون هذا الجواز مرهوناً بفترة زمنية وظروف سياسية معينة، مثل أن تتحسسن الأحوال في فلسطين وميانمار، كما حدث من فظائع في البوسنة والهرسك، مثل مذبحة سبرينيتسا، ثم تغيرت الأمور إلى الأفضل؟ أليس من الأفضل أن يكون الحكم قاطعاً؛ بأن قتل الأبرياء لا يجوز مهما كانت الظروف؟

أعتقد أن الأمر يتطلب قولاً قاطعاً من دون مواربة، وإلا فإن هناك مؤشرات خطرة في العالم كله، أولها النظرة السلبية إلى الإسلام والمسلمين، كما تزداد شعبية الأحزاب المناهضة للإسلام يوماً بعد يوم.

والأسوأ من كل ذلك أن هناك استعداداً للتخلي عن ثوابت المجتمعات الغربية، مثل حرية الرأي وحرية العقيدة، وهناك مقالة نشرتها صحيفة أوروبية مرموقة أخيراً، لا بد أن تثير القلق، لأن كاتبها طبيب حصل على درجة الأستاذية مرتين، أي قمة أكاديمية من خلال الأبحاث، وقمة إنسانية، من خلال ممارسته الطب عقوداً كثيرة، نشر مقالة بعنوان: «لا يستحق الإرهابي كرامة الإنسان»، تحدث فيها عن استيائه من وصف ما قام به مرتكب جريمة التفجير في مانشستر البريطانية بأنه «عمل شرير». وقال إن ما ارتكبه هذا الإرهابي ليس عملاً أملاه عليه الشيطان وهو مسلوب الإرادة، وليس كارثة طبيعية نزلت من السماء يجب علينا أن نتقبل وقوعها، بل إن الأمر يتعلق بجريمة نكراء قام بها شخص عديم الإنسانية وقاتل جماعي وشخص دنيء خاسر فاشل لا يستحق وصفه بالإنسان، لأن الشخص الذي يقرر أن يجعل من نفسه قنبلة وأداة لتدمير حياة أناس أبرياء، من دون مراعاة لحقهم في الحياة ولا لكرامتهم البشرية ولا لما سيلحق بأهلهم من آلام وعذاب، فإن هذا الشخص عار على الإنسانية، وهو حثالة وقمامة يجب التخلص منها، إما بنزع سلاحها وإما بتدميرها والتخلص منها. وطالب الكاتب بإجماع مجتمعي على تجريم هؤلاء، وألا يأتي متشدقون بحقوق الإنسان ويطالبون بمعرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك، وإثارة الشفقة على هؤلاء الإرهابيين، بزعم أنهم ضحية لعمليات غسل المخ، وأنهم تعرضوا للتعذيب ولضغوط قاهرة قبل أن يفعلوا ذلك. وينبه الكاتب هؤلاء إلى أن الإرهابي لم يلتزم بالحد الأدنى من القيم الإنسانية، ولم يحترم ركائز الحضارة الإنسانية، وعلى رأسها حق الحياة، لذلك يجب ألّا تكون هناك أية شفقة عليه، ولا يجوز نشر صوره، بل يجب أن يجري إزالة أي شيء يتعلق به؛ الاسم وقصة الحياة. يجب أن يغطي احتقارنا لهم على أية مشاعر أخرى، يجب ألا يبقى منهم في الذاكرة الإنسانية إلا الشعور بأنهم حشرات حقيرة أمكن محوها من العالم ومن شبكات التواصل الاجتماعي، وأن يتعرض للعقوبة كل من يتعاطف معهم، وأن يكون هناك حزم وصرامة مع كل من يصفهم بالشهداء أو بالمتطرفين أو حتى إرهابيين، لأن كل ذلك يرفع من شأنهم، ويثير إعجاب أصحاب النفوس المريضة بهم. وقال إنه على يقين بأنه لا يوجد دين يعدهم بـ«الحور العين» كما يزعمون، بل سيجدون ناراً تنتظرهم في حر جهنم، لذلك يجب فضحهم وكشف أي غطاء ديني مزعوم عنهم، لأن الأديان لا تغطي الجيفة.

الإرهاب وأهله قصة لن تنتهي، وهناك من يلتمس لهم عذراً ويريد منحهم فرصة ليروا جانباً من الحياة مشرقاً يجعلهم يتغيرون إلى الأفضل، وأثبتت الأيام أن كل من نفذ عملية لم تكن وليدة الصدفة وليست أول مرة، بل سبقتها محاولات وتم سجنه، ولكنهم يستغلون ثغرات القوانين والأنظمة وحب الناس والدول للحياة، فيمارسون إرهابهم من خلالها، ونخرج بعدها ونلوم أنفسنا أننا من أسهم في فعله من قريب أو من بعيد.

لكي ينتهي الإرهاب لا بد من وحدة كلمة للكبار فيه، من دون الاهتمام لمذهب أو قضية، والنظر فقط إلى الإنسان، والإنسان هو الحياة، وإلا فسنجد أن لكل إرهابي أرواحاً ومقدسات يذود عنها باسم الدين، وسنجد أنه على رغم كل الاستنكار هناك من يترحم عليه ويراه بطلاً، مشجعاً غيره على الحكم على القضايا الكبرى والنزاعات العالمية والمعقدة، من وجهة نظره هو، وعندها لن يجد حرجاً في نثر أشلائه في ساحات الحرم أو المساجد، ليموت أبرياء.

«فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ».. وهذا للأسف ما تجرأ عليه المخربون في شهر الصيام في عامين متتاليين.


المقال على موقع صحيفة الحياة