• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

شاشة رمادية

2017-06-14

شاشة رمادية

أشعر بغصة وأنا أتابع السباق المحموم لإعلانات مسلسلات رمضان وبرامجه، في مختلف الشاشات والقنوات، ربما لأنها تقتل الأمل بتوقعاتي في برامج ومسلسلات ذات مضمون روحاني وإنساني من بقايا الزمن الجميل، بعيدة كل البعد عن مافيا الإنتاج الباحث عن تعبئة الجيوب على حساب إثارة الغرائز وإفراغ الأخلاق والعقول. ما زلت وغيري نبحث عن ذلك المكون الأخلاقي والقيمي، التي كنا نصافحها عبر برامج التلفزيون الرسمي لنا، من خلال امتداد لبرامج دينية تحاكي مدرسة الشيخ علي الطنطاوي السهلة ذات الأثر والتأثير، لأشبع بها جوع الروح على مائدة إفطاري الرمضاني، وإذ بي أفاجأ ببرامج لمواضيع بعيدة عن اهتمامات عصرنا ومجتمعنا، وبرامج إفتاء لأسئلة مكررة أكل الدهر عليها وشرب، أو برامج لعلماء ما زالوا يكررون حديثهم القديم وكأن لا جديد يستحق وليس هناك حيرة تحيط بشبابنا تنتظر من يأخذ بيدهم إلى الطريق الصحيح.

أفتش بشغف في برامج المسابقات عن ثقافة ماجد الشبل، التي تربى عليها جيل كامل، أو على مسابقات كنا نبحث عن أجوبتها في أمهات الكتب حلقة حلقة، ثم نرسلها مجتمعة نهاية الشهر وننتظر اسمنا ضمن الفائزين، وكنا نجد فيها غذاء لعقولنا المتلهفة إلى المعلومة الخفيفة اللطيفة المفيدة، ولكني للأسف لا أجد غير برامج مسابقات رديئة الصنع والطرح والأسلوب، تقوم على أسئلة سطحية جداً.

وما تزال البرامج الفكرية التي تقدمها بعض القنوات تحاول إثارة الفتن أكثر من إضاءتها العقل وهدايتها الروح، تبحث عن الضيف والمحاور المختلف في الطرح والقادر على بث الفوضى الفكرية، وتمنحه مساحة من الزمن ليخلط الأوراق علينا ويجعلنا في حيرة، بل ويجعل البسطاء ينقادون خلفه فيتطاولون على كبار علمائنا وعلى ثوابت ديننا، وهذا يجعلني أتساءل؛ هل هناك مشروع خلف كل هذا، أم مجرد اجتهادات من مسيري قنوات يبحثون عن نسب مشاهدة لا أقل! في المقابل، ما تزال برامج الحوارات والسير للكبار والمبدعين تحاول صناعة شيء مختلف، فتنجح تارة وتخفق أكثر في تكرراها الشخصيات، فقد نرى بعض الضيوف في أكثر من قناة في هذا الشهر، وكأن ليس في البلد إلا هذا الولد، وما تزال لغة الحوار مع الضيف أحياناً تتحول إلى محاكمة له والبحث عن زلات له، ليشتعل حينها «تويتر» ويشعر البرنامج حينها بأنه حقق ما يجعل الناس تبحث عنه. ارتحنا من زعاف البرامج الرياضية وضجيجها، وجاءت هذه البرامج لنترحم على زعاف وزعيق تلك البرامج! وحين أتجه صوب المسلسلات، وطالما ارتبط شهر رمضان بمسلسلات خالدة، فلا أجد إلا ما يندى له الجبين؛ من انحطاط القيم والمحتوى في الدراما العربية؛ من عهر وعلاقات محرمة وشركيات في المعتقد و...إلخ.

أتعلق بآخر أمل، وأنا أوجه أشعة «الريموت» بحثاً عن دراما خليجية هادفة تطرق باب واقع المجتمع، لتنقل إلينا تفاصيله بصدقية، ولكن للأسف أفاجأ بكمية النكد والدموع المنسكبة من التلفاز، ونفايات الحقد والحسد والغيرة والفرقة والشر والفسوق، التي تُلقى على سمع وبصر المشاهد من صناديق علب الدراما الخليجية التي تضخم بشاعة قصص ومواقف فردية، وتقدمها بكذب على أنها واقع المجتمع الخليجي، الذي ما زال على رغم أنفهم مجتمع الخير والفضيلة والنقاء. حتى الكوميديا أصبحت تهريجاً وإسفافاً، فتستغل سذاجة البعض لنضحك على البسطاء الذين يجب أن نقدرهم، وإما كاميرا خفية مع مشاهير أو عامة، واضح جداً أنها تقدم باتفاق مسبق، ومع ذلك تستمر مواسم مستخفين بذكاء المشاهد، وإما برامج تصفية حسابات بين النجوم وانتقادات بطريقة تخرج تماماً عن إطار الأدب.

الخلاصة، أحن إلى أيام الشاشة الراقية، التي تقدم الفائدة من خلال برامج ومسلسلات هادفة ممتعة، وأترحم على قيم تراق دماء أخلاقياتها على يد مؤلفين ومخرجين ومنتجين وممثلي المسلسلات اللاأخلاقية.

ما زلت في كل رمضان أتمنى أن يمر من دون أن أرى مشهداً لسكر وعربدة ومخدرات ورقص ودعارة، وصراع بين إخوة قد يصل إلى القتل، وأدعو الله أن أتمكن من العثور على برامج أستطيع أن أشاهدها مع أبنائي من دون أن يتوجس قلبي من مفاجآت لا تجرح براءة طفولتهم، وتثير عندهم ألف سؤال عن الذي يليق والذي لا يليق، والحرام والحلال، الذي لا أملك له إجابة!

ختاماً..

الفن في رمضان مكمل للسعادة في نفوسنا، فليت القائمين عليه يقدمون لنا فناً يعزف ألحان الفرح على أوتار الروح بشكلٍ يليق بقدسية الشهر ونخرج منه بوجبات تسعد كل شيء فينا.


المقال على موقع صحيفة الحياة