• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

الحل.. «اعتدال»

2017-05-31

الحل.. «اعتدال»

مرة أخرى عمليات إرهابية في مدينتين أوروبية وعربية تطاول أبرياء لا يحملون السلاح، ومرة أخرى يخرج المسلمون هناك لينفوا التهمة عن أنفسهم، ومرة أخرى يطالب السياسيون الغربيون بالفصل بين الإسلام وبين من ينسبون أفعالهم كذباً لهذا الدين.

لكن يبدو أن الكيل هذه المرة طفح، فبدأت وسائل الإعلام الغربية الكبرى تتساءل عمّا إذا كان رد الفعل هذا هو الصحيح، أم أن الأوان آن لمراجعة الذات وطرح كل الأسئلة على طاولة المناقشة.

اعتبر البعض أن كل الأطراف ما زالت ترتكب أخطاء فادحة، فالحكومات الأوروبية يبدو أنها تقبلت الإرهاب كأمرٍ واقع، وتشدد دوماً على أنه لا يمكن تحقيق الأمن بنسبة 100 في المئة، لتمهد شعوبها نفسياً لأن وقوع هجمات أخرى أمر غير مستبعد فحسب، بل إنه متوقع.

ولذلك المجتمعات الغربية تشدد في كل مرة على التمسك بنمطها في الحياة بكل ما فيه من تحرر، وعدم استعدادها للتخلي عنه مهما كانت الأسباب، ومهما كان مخالفاً لتصورات البعض، ويحاول السياسيون وبخاصة من أصحاب التوجهات اليسارية أن يؤكدوا على أهمية التنوع العرقي داخل المجتمعات، والثراء الذي يحققه ذلك.

في هذه المرة تساءلت وسائل الإعلام عن سبب تقبل المملكة المتحدة لوجود أحياء يهيمن عليها المهاجرون، يعيشون فيها وكأنهم في أوطانهم الأصلية، بل ويصبحون أكثر تشدداً وتطرفاً من ذي قبل، بزعم الرغبة في التمسك بالهوية الأصلية، ويفرضون نمط حياتهم حتى وهم خارج هذه الأحياء، مثل محاولات بعض الطلاب المسلمين الفصل بين الجنسين في الجامعات البريطانية، وإصرار فتيات على ارتداء النقاب في داخلها، واستمرار وجود أئمة مساجد يتبنون توجهات متطرفة.

وطالبت وسائل الإعلام الحكومة البريطانية بالتوقف عمّا اعتبرته فهماً خاطئاً للتسامح، كما قال إعلاميون غربيون إنه ينبغي كسب المعتدلين من المسلمين، وتعزيز انتمائهم للمجتمعات الغربية، بحيث لا يصبحون صيداً سهلاً لداعش وغيره من التنظيمات الإرهابية، على رغم نشأتهم في بريطانيا، أو على الأصح نشؤوا في جزر معزولة داخل الحدود البريطانية.

وقالت الصحف الغربية إن المبالغة في الخلط بين الإسلام وجماعات الإسلام السياسي تؤدي إلى رفض ممارسة أي ضغوط على المهاجرين حتى يندمجوا في الدول التي اختاروها أوطاناً جديدة لهم، ومن حق هذه الدول أن تفرض قوانينها عليهم، وتوضح أنها لن تقبل الاستفادة من الحقوق في هذه الدول، من دون تأدية الواجبات على من يقيم فيها.

لعل وسائل الإعلام الغربية مصيبة في الكثير مما تكتبه، لكنها تنسى أن أكثر ضحايا الإرهاب هم المسلمون، وأن الأطفال والنساء والشيوخ الذين يلقون حتفهم على يد هؤلاء الإرهابيين ليسوا في حفلات موسيقية تخالف التعاليم الإسلامية، مما يدل على أن الإرهاب لا ينطلق من أسباب دينية أو عقلانية، بل هو قتل من أجل القتل، ولتحقيق الشهرة الإعلامية، ولنشر الفوضى في العالم، وقبل كل ذلك من أجل الإيقاع بين المسلمين وغيرهم، وليس من الحل أن تسيطر نظرية المؤامرة على الكل، فالمسلمون يرون أن «داعش» ما هي إلا صناعة غربية لأجل إيجاد سبب للتدخل في الشؤون الداخلية، والغرب بأفراده ومؤسساته يرون في كل ملمح إسلامي في بلادهم إنذار خطر بسلب حياة وإشاعة الفوضى في كل اتجاه.

لذا، لا بد من العودة للإنسان والإنسانية، تلك الرسالة التي اتفقت عليها كل الأديان، وتحكيم العقل وإيجاد صيغ من التعايش تكفل للأفراد والمجتمعات والحكومات والمنظمات العيش بسلام وفاعلية تضمن تنمية الأفكار والاقتصادات والكيانات.

إن مركز «اعتدال» الذي أعلنت المملكة عن تأسيسه أخيراً كأحد أبرز إنجازات القمة العربية الإسلامية - الأميركية، هو خطوة في الطريق الصحيح للقضاء على هذا الوباء، الذي يصيب الجميع بلا استثناء، وعلى وسائل الإعلام الغربية ألا تبحث عن كبش فداء، وألا تجعل المسلمين في المجتمعات الغربية يشعرون بأنهم شركاء للجناة، لأن من يفجّر نفسه لا يسأل الضحايا عن دينهم ولا عن جنسياتهم.

الإرهاب صناعة إبليسية تتلبس بها شياطين الشر مأجورو العقول.. تختارهم بناءً على جهلهم من دون النظر إلى جنسيتهم أو دينهم..

الإرهاب وباء ليس له علاج إلا التوقف عن ربطه بدين أو جماعة معينة، وذلك بالنظر إليه «آفة» عالمية لن نقضي عليها إلا بالسلام الذي يجعل الأيدي تتكاتف لقطع دابر الإرهاب من كل مكان، والإيمان بأنه ليس كل مسلم إرهابي ولا كل مسيحي متطرف ولا كل يهودي صهيوني.. فالإرهاب صناعة علمية ليس لها براءة اختراع خاصة بمجتمع أو دين أو عرق خاص.


المقال على موقع صحيفة الحياة