أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..
إصداراتي
هل نحن وطنيون ؟
2016-06-28
في مثل هذا الوقت من كل عام يعود الجدل بين الشرعية الدينية والموافقة الاجتماعية للاحتفال بيوم الوطن، لترسيخ التاريخ الشاهد على عظمة دولة وعراقة شعب في أذهان كل من يعيش على أرضه الطاهر، وبين استهتار المحتفلين العابثين، وتزمت الرافضين المتزمتين يضيع المعنى الحقيقي للوطنية!
فما هي الوطنية؟ وما هو مفهومها الصحيح؟
أهي أعلام أطلت من نوافذ سيارات ملأت شوارع المدن تتراقص على أنغام أغنياتنا الوطنية؟ أم هي احتفالات مدرسية فعالياتها «زي وطني» مع أطباق شعبية تطلب من الطلاب مع محاضرات وخطب رنانة من مديري المدارس؟ أم هي مقالات صحافية وبرامج إذاعية وتلفزيونية مكررة تعاد بالكلام نفسه كل عام لا جديد فيها إلا تجدد الوجوه؟
أهذا هو مفهوم حب الوطن عندنا؟ أم أن للوطنية مفهوماً أعمق وأشمل؟
تلك الأسئلة الكامنة في عقلي تخرج من أعماقه لتطفو على سطحه كلما حان وقت هذه المناسبة، أفكر بوطني ووطنيتي وأتساءل: هل حب الوطن شعور فردي، أم أنه منظومة انتماء وعطاء تربط عناصر بناء هذا المأوى والسكن الآمن من حكومة وشعب ومسؤولين ومقيمين بعلاقة عطاء وإخلاص متبادل لبقعة أرض يعيشون عليها؟
أجوبة كثيرة تتزاحم أمام كل تساؤل، ومفاهيم كثيرة للوطنية يعلو صوتها أمام كل سؤال يلقيه ذهني لتقول: أنا الوطنية الحق.. وأنا بين كل إجابة وإجابة أحتار، وأنا أفكر في السؤال الأكبر والأصعب: هل نحن وطنيون حقاً؟
من بين زخم الإجابات الكثيرة أراني أميل إلى مفهوم أرتاح له أنا كسعودية أعشق هذا الوطن بكل ما فيه من إيجابيات كثيرة وسلبيات أقل ستهب عليها رياح التغيير بزمن قريب ليطير كل قصور مع رياح التحول والتجديد.
الوطنية بلسان العقل والحكمة تعرِّف نفسها بأنها: مزيج من حب وإخلاص مع نية حسنة وفعل يثبت ولاء القلوب.. هي عطاء متبادل بإخلاص يبذل فيه كل من يتنفس هواء هذا الوطن أفضل ما يمكنه تقديمه.
فالحكومة بمسؤوليها يجب أن تثبت وطنيتها بالاستماع برحابة صدر وانتباه وتفهم لصوت المواطنين والمقيمين أيضاً، وأخذ مطالبهم وانتقاداتهم البناءة بعين الاهتمام، والعمل على تذليل كل العقبات التي تقف في طريق حياة كريمة يستحقونها بجدارة كحق لهم لا منة فيه.
والمواطن واجب عليه أن يثبت وطنيته، ويعمل على ترجمتها كدعم لحكومته من خلال مساعدتها وتحمل المسؤولية معها من أجل تلك الحياة الكريمة التي يطالب بها، عليه أن يدرك أن الحكومات لا تملك العصا السحرية لتغيير الأوضاع من حال إلى حال بكلمة كن فيكون ما لم تكن يد المواطن داعماً لعملها وقلبه مخلصاً لها.
من حق المواطن أن يقترح، يعترض، ينتقد، يطالب، ولكن بالحكمة والأسلوب الحسن، لا بالعنف ولا بالخيانة ولا بالتخريب، لأن أصل الطلب هو ذلك الأمان وتلك العيشة التي يرى أنها تليق به، وهذا لا يمكن أن يتحقق بالعنف أو التحدي أو التشنج في إيصال الصوت أو النقاش، المواطن يجب عليه ألا ينسى أن الوطنية تعني السلام وإن اختلفت التوجهات والآراء والتيارات.
المقيم أيضاً يجب أن يضع في اعتباره أن تلك الأرض التي جعل الله فيها رزقه تستحق أن يكون موالياً لها ما دام يقيم على أرضها ويبني مستقبلاً له ولأولاده من خيراتها، فلا يطعنها بفعل أو قول أو جحود لا تستحقه.
الوطنية هي ضمير يجب أن يبقى حياً عند كل هذه الأطراف ليتحقق كل هدف ويبارك الله بكل غاية.
ولو سألنا القلب عن مفهوم الوطنية لقال هي: فرحة مشروعة بوطن ضرب عشقه جذوراً راسخة في أعماق الأفئدة.. فمن حق القلوب أن تعبر عن شغفها بأرضها باحتفالات تترجم معاني السعادة من دون تجاوزات تعتدي على حرمات الدين أو تجرح روح الأخلاق وتمزق نسيج القيم أو تخدش عذب الشعور.. لنفرح ونحتفل فهذا من حقنا، ولكن بالمعقول.
المواطن والدولة يجب أن يدرك كل طرف أن الطرف الآخر ليس منزهاً عن القصور أو الخطأ، ولكن ما دامت النوايا بيضاء والقلوب عامرة بالحب فكل خطأ قابل للتصحيح لننعم بالأمن والأمان في أغلى وطن.