• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

أقرب.. أبعد!

2017-04-19

أقرب.. أبعد!

مفهوم الخطأ بين الأمس واليوم، أصبح عود كبريت سريع الاشتعال حتى من دون أن يقترب منه شيء يشعله، فمجرد خطأ من أحد المشرفين على حسابات معينة في مواقع التواصل قد يؤدي إلى كارثة اجتماعية وفوضى لا حد لها، بسبب سرعة الانتشار وكثرة التأويل واستغلال الموقف لإعادة وتصفية حسابات قديمة بين المتنافسين والأضداد، ما يثير انقسامات وتشرذماً لا داعي لهما.

قديماً، كنا نحتاج لفترة لكي نمسك بخطأ صحيفة أو مطبوعة، نظراً للرقابة وكثرة الأعين وصعوبة النشر المنفرد، لكن الآن مع سرعة التواصل وكثرة المواقع أصبح كل شيء ممكناً، والخطأ وارد بحسن نية أو بسوئها!

ولا يتورع البعض عن اعتبار هؤلاء المستخدمين لمواقع التواصل تجمعاً بشرياً متماسكاً ومؤثراً للغاية، تجمع بين أفراده الكثير من القواسم المشتركة، لكن بعض هذه المواقع وجدت أصواتاً كثيرة تتعالى في الآونة الأخيرة تتهم شبكاتهم بأنها أسهمت في حدوث شرخ يفصل بين الناس بدلاً من أن يجمعهم، لأن المستخدمين الذين يستمدون معلوماتهم من الشبكة لا يحصلون جميعاً على حقيقة واحدة ولا على المعلومات نفسها، بل يحصل كل واحد منهم على الحقيقة التي تناسبه، وعلى المعلومات التي تتفق مع توجهاته، علاوة على إسهام فيسبوك وبقية المواقع في نشر فيضان من الأخبار الكاذبة.

كل من يعمل في وادي السيلكون اعتادوا أن يكونوا دوماً رمزاً للسعادة والتقدم للبشرية، وباعتبار الوادي مرادفاً للخير، لأن التقنيات هي التي تربط بين مكونات المجتمع الحديث، وكان شعار فيسبوك مثلاً في الماضي «تحرك بسرعة، واكسر الأشياء»، ويبدو أن ذلك حدث بالفعل، وتكسرت أشياء كثيرة جداً، وأصبحت ركائز الحرية المتزايدة باستمرار والرفاهية المتنامية، معرضة للتهديد من القوى نفسها، التي وفرت هذه الركائز، وهي التقنية والعولمة والتقدم، وبدلاً من أن تشهد البشرية المزيد من الرخاء، إذا بالعالم يشهد تغييرات اقتصادية وسياسية كبيرة، إذ اختفت صناعات من الوجود، وخرجت قوى جديدة من العدم، وأسهم شراء فيسبوك لواتساب وأنستغرام في تحول هذا الموقع مثلاً إلى قوة معلوماتية لا يستهان بها، ولم تعد مجرد شركة تقنية، بل هي مصدر الأخبار في العالم، والأيام كفيلة بتحالفات إعلامية تقنية أكبر للاستحواذ على أكبر نصيب من المستخدمين.

إن وظيفة مواقع التواصل هي مساعدة الناس ليكون لهم أكبر قدر من التأثير الإيجابي، والحد إلى أقصى درجة من الجوانب التي تؤدي فيها التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي إلى الفرقة والعزلة. لكن اللغة البرمجية التي يستخدمها مبرمجو هذه المواقع، تجعل المستخدم لا يتعرف على توجهات الآخرين، ويصبح أحادي التفكير، غير مستعد لتقبل الرأي الآخر. صحيح أن المستخدمين هم الذين يختارون الرأي الذي يعجبهم، وهم الذين يكتبون في اتجاه معين، ويجدون من يشاركهم في الرأي، لكن القوة التي يتمتع بها الموقع، تقابلها مسؤولية كبرى، تتمثل في إتاحة المجال للمستخدم أن يطلع على الرأي الآخر، وكما يتمكن الموقع من حذف الصور العارية يمكنه أن يسعى أيضاً لإزالة التعليقات التي تنشر الكراهية.

ويذكر أن كثيراً من مواقع التواصل تركز حالياً على عدم الاقتصار على المستخدمين الأفراد، بل توجه اهتمامها إلى كل الهياكل الاجتماعية، وتتحدث عن رغبتها في الإسهام في حل المشكلات الكبرى، التي هي في الأصل من صلاحيات الدول والمنظمات الدولية. وتشير التوقعات إلى أن انتقال موازنات الدعاية من الصحف والمجلات إلى مواقع الإنترنت، وأن 85 سنتاً من كل دولار تنفقها الشركات على الدعاية، ستذهب إلى «فيسبوك» و«غوغل» والبقية، والنتيجة الحتمية لذلك هي أن الصحف والمجلات التي لن تحصل على أي حصة م ميوازنات الدعاية ستتعرض للإفلاس، وحتى لا يعتمد فيسبوك على الأخبار الكاذبة، فإنه بدأ في البحث عن صحافيين محترفين، كما أولى اهتماماً متزايداً بوقف المصادر المشكوك في صحتها، حتى لا يفقد صدقيته، وبقي أن يسعى لإنهاء سيل الشتائم والانتهاكات التي تنشرها صفحاته، وكذلك وقف الكراهية والتهديد بارتكاب العنف وإثارة المشاعر ضد بعض الأفراد أو الجماعات. إن ما يحتاجه عدد من القياديين في مواقع التواصل المؤثرة، هو أن يتخلصوا من الشعور بالتكبر، ومن وهم أنهم يعرفون كل شيء أفضل من غيرهم، وأنهم لا يحتاجون إلى نصائح من الآخرين، لأن مشكلات العالم الآن أكبر من أن يتولى حلها عدد محدود من الأشخاص، مهما كانت قدراتهم خرافية في التأثير في مستخدمي الإنترنت، وأن يراعوا خصوصية المجتمعات وتباين الثقافات واحترام الرموز والقوالب الاجتماعية، لكي لا تتحول هذه المنصات لمعاول هدم لكل القيم والثوابت الأخلاقية.


المقال على موقع صحيفة الحياة