• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

الخدمة الإجتماعية .. سعادة

2017-03-29

الخدمة الإجتماعية .. سعادة

اليوم.. والعالم يحتفل باليوم العالمي للخدمة الاجتماعية، أتساءل أنا كامرأة درست الخدمة الاجتماعية كعلم غزير وآمنت به إيماناً عميقاً أنه علم المحافظة على الذات وصيانتها من عوامل تعرية متغيرات الحياة والظروف المحيطة به، لتحقق التوازن المطلوب بين الفرد والجماعات التي يعيش بها بما يحقق مصلحة المجتمع ككل ونماءه واستقراره، الذي يدور في النهاية داخل دائرة الفائدة المتبادلة لركائز هذا العلم الثلاث، وهي: الفرد والجماعة والمجتمع.

ولو سلطت المجهر بشكل أدق على مجتمعي باحثة عن بصمات واضحة لنتائج جهود الأعداد الهائلة من خريجي الخدمة الاجتماعية عبر عقود من الزمان، لوجدت أنها بنظر أي متخصص في هذا المجال بصمات باهتة جداً، لا تتعدى دوراً شكلياً وليس مهنياً متخصصاً في المدارس، إضافة إلى بعض من حرية أكبر وجهود أكثر وضوحاً في المستشفيات!

فهل يعقل أن نحصر مجالات الممارسة العملية لهذا العلم الغزير في هذين القطاعين فقط؟ ومن المسؤول عن هضم حق الخدمة الاجتماعية كعلم مقدر جداً في دول العالم الأول، وحقوق الاختصاصيين الاجتماعيين، الذين كبلت طاقاتهم بألف قيد وقيد منعهم من وضع ختم المهنية الاجتماعية على كل تفاصيل الحياة صغيرها وكبيرها؟

ما جعلني أسأل نفسي هذا السؤال زيارة لمنطقة البجيري لحضور فعالية ساعة الأرض التي أقيمت هناك، إذ رأيت خلال الساعتين اللتين أمضيتهما في ساحاته مجموعة من المتناقضات الاجتماعية جعلتني أتساءل بجدية؛ كيف لنا أن نحقق الغاية المطلوبة من خطة التغير ونحن لا نزال نعيش تخبطات التفكير وتباين الحكم على الأمور؟

أيعقل أن يجتمع في مكان واحد من آمن بالمرأة وبدورها الفعّال في النهوض بالمجتمع نحو قفزة حضارية تجعله يقف جنباً إلى جنب في صفوف دول العالم الأول، ففتح أوسع الأبواب للشابات المقبلات بحماسة ورغبة صادقة في خدمة الوطن بجهود تطوعية، رأينا فيها كيف أثبتت الشابة السعودية أنها كفؤة في عملها والتزامها واحترامها لنفسها وفي طريقة تعاملها مع زميلها في العمل من دون تجاوزات أخلاقية أو سلوكية. عُطّل دور المرأة عقوداً من الزمن بسبب الخوف من تبعياتها، إلى أن فتح لها أصحاب القرار وولاة الأمر عندنا أبواب المشاركة الفعالة في بناء الوطن، مؤمنين بأن المرأة تشكل نصف المجتمع الذي يجب ألا يعطل، والذي يجب أن تكون له بصمته الواضحة في قيادة خطة التغير.

وأظنها أثبتت أنها أهل لكل فرصة متاحة ومقدرة على فعل الأجمل دائماً.

في الساحة نفسها رأيت مطاعم ومقاهي كثيرة تجلس المرأة فيها مع أسرتها أو صديقاتها وأهلها أو أطفالها، لقضاء وقت من الترفيه الذي لا يخدش شفافية السلوك الاجتماعي المقبول ولا النسيج الأخلاقي للمجتمع السعودي ولا يخترق خصوصيته، مما يشرح خاطر من آمن بأهمية الأسرة وأهمية وجود أماكن تحترم اجتماعها، فتوفر لها المكان الذي يليق إيماناً بدور الترفيه الذي حتماً هو إحدى الوسائل الفعالة في ربط الأسرة الواحدة والمحافظة على تكاتفها وتفاهمها وانسجام أفرادها.

هذا المكان نفسه للأسف عندما طلب مني ابني الصغير شراء بعض من حلوى وزجاجة ماء فذهبت به إلى بقالة صغيرة في الساحة، رفض العامل دخولي إليها، مشيراً إلى لافتة كرتونية علقت على المدخل كتب عليها النساء من الجهة الأخرى، وعندما ذهبت اكتشفت أن دخول المرأة ممنوع! وأن المتاح لها شباك فقط تطلب منه حاجتها من دون السماح لها بمشاهدة البضائع المعروضة والانتقاء.. ومن دون السماح لها بمرافقة ابنها الصغير الذي لا يعرف بطفولته ماذا يريد، ولكنه بفطرته الطفولية يريد أن يأخذ وقته بالتجول بين مغريات الحلوى برفقة الكبار ليشعر بالأمان، ولكن هذا غير مسموح ما لم يكن مرافقه رجلاً! فأي منطق هذا!

الغريب أنه أمامي أيضاً كان هناك رجل وقور مع زوجته أرادا دخول التموينات، فسمح للرجل ومنعت المرأة! مما أثار عندي ألف غضب وسؤال، لماذا هذا التصرف والدونية ونحن في مكان عام وتحت أنظار الكل! ومن هنا نعود إلى نقطة البداية، لماذا لا نسمح لمهنيي الخدمة الاجتماعية بالنزول إلى ساحات الحياة الاجتماعية بثقل وزخم وتخصصية مدعومة، سواء أكان بتوظيف رسمي أم جهود تطوعية، لنسد الفجوات الفكرية في مجتمعنا، ونزيل بعون الله ثم جهودهم وعلمهم وخبراتهم عقبات كثيرة تقف حجارة عثرة في طريق رؤى التحول والتغير؟ ولماذا لا يُؤْمِن المسؤولين بأن الخدمة الاجتماعية هي تلك المهنة السامية التي تربط بين الفرد والجماعة والمجتمع برباط متناغم من فهم وانسجام، تضمن له سلاسة المضي في الحياة وتخطي عراقيلها بأقل الأضرار؟ وبالتالي بناء فرد صحيح يُكَون جماعات منسجمة متعاونة يتكون منها مجتمع كامل فعال قوي قادر على تجاوز متغيرات الظروف وامتصاص آثار العقبات.

إذاً، الخدمة الاجتماعية هي المهنة التي يمكن أن تطلق عليها مهنة تحقيق السعادة الفردية والجماعية والمجتمعية! فلنقدرها ونحييها وندعم القائمين عليها ونبارك جهودهم ما دامت تصب بغزارة في سواقٍ تسقي الوطن والمواطن خيراً يعتمد على الاحترام والمسؤولية والفائدة التي تروي حاجات الكل.


المقال على موقع صحيفة الحياة