• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

«الأزمات» تمنحنا القوة

2017-03-01

«الأزمات» تمنحنا القوة

العالم كله مليء بالأزمات والتوتر والمخاوف، ولا تفرق هذه الأزمات بين مكان أو جنس أو لون وهوية، فكثير من العواصم الغربية تقول إن المزيد من الضربات الإرهابية مقبل لا محالة، وفي المقابل، الحروب والأزمات في عالمنا العربي مستمرة منذ سنوات، وموجات الهجرة من أفريقيا وغيرها تجاه الشمال لا تنقطع، كما أن انخفاض أسعار النفط عالمياً أدى إلى ترشيد الإنفاق في موازنات كثير من الاقتصاديات، وشعور المواطن بانكماش دخله وانحسار الرفاهية النسبية التي كان يتمتع بها من قبل. وهنا نتساءل، فكيف يتعامل المجتمع وأفراده ومؤسساته مع هذه التطورات السلبية؟

يرى علماء الاجتماع أن مشاعر الخوف هذه طبيعية، وينبهون إلى أن الإنسان الذي عرف رغد العيش، هو الذي يشعر بحسرة على زوال هذه الرفاهية، أما الشخص الذي لا يملك شيئاً، فإنه يشعر بالتفاؤل بغد أفضل، كما يحدث بعد الحروب عادة، حين كانت المدن مدمرة، والرجال إما في الأسر أو في القبر أو يعانون من الإصابات، عندها اندلعت إرادة الحياة في عروق من بقي على قيد الحياة، فرفعوا الأنقاض، وبنو بيوتهم، وأزاحوا الركام من الطرقات، فهل يمكن أن نقارن حالناً الآن بما كانت عليه الوضع آنذاك؟

من الممكن أن يجلس الناس ويندبوا حظهم العاثر، ويمكنهم أن يطرقوا الأبواب طلباً للمساعدة، لكن هل يذكرون كيف كان أجدادهم يعيشون؟ طعامهم يسد رمقهم بالكاد، وبيوتهم لا تعرف من الأثاث إلا القليل، ومع ذلك كانوا يجدون سعادة تنطلق من داخلهم.

كثير من الناس يقولون حالياً إن حياتهم جيدة، وإنهم على المستوى الشخصي متفائلون في ما يتعلق بهم، لكنهم يشعرون بالخوف على بلادهم ومجتمعاتهم، وينتابهم تشاؤم في ما يتعلق بمستقبل الوطن ككل، خوف من استمرار الأوضاع الاقتصادية، أو تزايد أعمال العنف، على رغم أن كل الإحصاءات تؤكد أن الأحوال أفضل بكثير من العقود الماضية في ما يتعلق بالأمن في الأوطان والتنمية والعمران.

لكن علماء الاجتماع يطالبون بعض السياسيين بألا يستخفوا بمشاعر مواطنيهم، حتى ولو بدت غير مبررة، لأنهم إن فعلوا ذلك فإن المواطنين سيتهمونهم بأنهم لا يشعرون بهم، وينضمون إلى جماعات متطرفة و«غروبات» متشحة بالظلام، تسعى إلى زعزعة الاستقرار في البلاد، وحينها تكون الخسارة مضاعفة والمصيبة أعظم! ويشير هؤلاء العلماء إلى بعض الذين يقاتلون منذ سنوات في شتى الأمصار في العالم، ما ان تبدو في الأفق بادرة لوقف إطلاق النار، حتى يخرجوا «يغنون» للنضال وللحرية، التي ضحوا من أجلها بالكثير، ولا تفارقهم روح التفاؤل بغد أفضل، ربما لأنه من الصعب أن تكون الحال أسوأ مما هم عليه، ويتمنون لحظة هدوء يعيشونها. لا بد أن نعرف أن الشاب الذي لم يذق في حياته طعم الحرمان من شيء، يجد صعوبة بالغة في التأقلم مع الأوضاع الحالية، لكن بدلاً من أن يشعر بالسخط، يمكنه أن يتكاتف مع الآخرين للعمل بكل قوته، فالأزمات الكبيرة تحتاج إلى تضافر الجهود، وبعدها ستكون العلاقة بين أفراد المجتمع أكثر وثوقاً، وسيفقد الكثيرون الشعور بالأنانية.

من الخطأ أن نتوجس ونمارس القلق وننشر السواد بناء على توقعات، نحن بحاجة لممارسة على الواقع وبحث عن دروب مختلفة تمنح ساقيْنا ركضاً أجمل، ومثل هذه التحولات الاقتصادية تخلق فرص عمل كثيرة وتنجح في صناعة فكر مختلف، وتزيل كثيراً من الترهل من على كاهل المجتمع.

الأزمات تمنحنا الجدية والنوعية والقفز على الحواجز، وتمنحنا الفرصة للتصحيح وإعادة ضبط الأمور كما يجب من دون تضخيم، والحمد لله نحن في بلادنا لا نعيش بدعاً من العالم، ولكنها ظروف تمر بها الدول من فترة لأخرى، ومررنا نحن بها من قبل وتجاوزناها، ولكن وسائل التواصل الحديثة وسطوتها جعلت من الأمر يتفاقم ويذهب لمدى أبعد، وتحول الكل لمحللين اقتصاديين وخبراء تنمية، وهم والله مرجفون لا أكثر! الأمم العظيمة تزيدها الأزمات تماسكاً، والشعوب التي تئن تحت وطأة أول أزمة، هي الأكثر احتياجاً إليها، حتى تصبح قادرة على شق طريقها بين الأمم.


المقال على موقع صحيفة الحياة