أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..
إصداراتي
وطن ومواطنة
2018-09-27
نعم الله علينا كثيرة، وتأتي نعمة الوطن كأعظمها نعمة وأكثرها زخماً، فمن خلال الوطن تكون هناك الحياة، وتستمر المسيرة وتنطلق الأفكار ويجد كل أحد مبتغًى.
قبل 88 عاماً تكوّن وطن بإرادة الله ثم قائد ملهم، وبعزيمة رجال ضحوا بكل شيء ليكون هذا الكيان شامخاً.. ولدت السعودية للمرة الثالثة على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ولدت لتعيش وتكبر، وتستفيد مما حصل لها قبل، وتستثمر الفرص لتحيا كما يجب. جاء ميلاد السعودية ليبشر الكون بميلاد الخير كله، فمن خلال هذا الكيان انتصر للإسلام في كل مكان، وتمت العناية بالحرمين الشريفين، وامتدت الأيادي البيضاء في كل اتجاه، نصرة لمظلوم، وإغاثة لملهوف، وإماطة لأذى هنا وهناك.
قامت دولتنا بمسؤولياتها الداخلية والخارجية، فمنحت شعبها العز والكرامة، وأبدلت خوفه أمناً، وفقره غنى، ومنحته المكانة الرفيعة بين الشعوب كافة، وفتحت مدنها وقراها للكل من الشعوب ليجدوا فرصة العيش الرغيد على أراضيها، ويسهموا في تنميتها وازدهارها.
ولم تغفل بلادنا الشأن الخارجي، فكانت سياستها الاعتدال والوسطية، وتحكيم العقل في الأمور غالباً، والضرب بيد من حديد على من تسوّل له نفسه المساس بهذا الكيان وأفراده ومقوماته، وكانت جسر سلام بين دول وأحزاب، وكانت العطاء في زمن الجحود، والناصر في زمن الخذلان.
وجاء أبناء المؤسس من بعده ليكونوا خير من يؤتمن على الوطن حرصاً وبذلاً وتنمية وتطوراً، لم يبخلوا بشيء على شعبهم، ولم يوصدوا أبوابهم، ولم يحرموا أحداً من حقه حتى وهو مقصّر في واجباته، تصبر عليه وتمنحه الفرصة تلو الفرصة حتى يعود لرشده ويعرف معنى وطنه والانتماء له.
الاحتفال باليوم الوطني ليس مجرد مناسبة سنوية عابرة، بل هو فرصة لتذكر هذا الكيان العظيم، والفرح به وفعل كل شيء لأجله، مناسبة تجعلنا نقف أمام أنفسنا أولاً ونسألها: كيف نحن مع وطننا، هل منحناه كما مَنحنا؟ هل عرفنا قيمته فخفنا عليه وفديناه بأرواحنا؟
لا يزال مفهوم الوطنية والمواطنة مرتبكاً لدى الكثير منا، إذ كنا في فترة مضت مغيبين تماماً عنه، وكأنه رجس من عمل الشيطان، وكأن لا حق لنا في الفرح به أو الغناء لأجله، انشغلنا بالأممية وتنازلنا عن حقنا الخاص بهذه المساحة من الأرض التي يشهد كل شبر فيها أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. لم يكن من السهل انتزاع تلك الأفكار من أذهان البعض، ولم يكن من السهل إقرار الهوية الوطنية ومفرداتها ومعانيها، لذا جاء سلمان بن عبدالعزيز ليكمل مسيرة إصلاح إخوته من قبله، ويقف أمام الكل ويعلن أننا وطن يستحق، وأن هذا الوطن له حق شرعاً وعرفاً، فأعيد بث مفاهيم الوطنية والمواطنية في قوالب جديدة تفرض على الكل الالتزام بها والانقياد لها، لأجل وطن يستحق وقيادة تمت البيعة لها.
وبجوار والده جاء ولي العهد محمد بن سلمان ليقدم لنا الوطن الجديد، الوطن الذي يسع الكل ويحتضن الكل برفق ورحمة وحب متفانٍ، وفي المقابل يقف سداً منيعاً في وجه كل تطرف أو ابتذال أو حزبية أو طائفية أو قبلية مقيتة.
أصبحنا نملك رؤية ونملك أهدافاً وغايات، وبقي علينا فقط أن نمضي قدماً ونفعل ما يجب لأجلنا ولأجل الأجيال التي ستأتي بعدنا.
والوطن يحتفل بعيده الـ 88 لا بد أن ندعو بالمغفرة لقادتنا وملوكنا الذين مضوا ونشهد الله أنهم خير من تولى أمرنا، ونترحم على وزراء ومسؤولين بذلوا وقتهم وجهدهم لنكون ما نحن عليه الآن، وندعو بالمغفرة لشهدائنا الأبطال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وبذلوا أرواحهم ليبقى وطننا حراً أبياً، وينهزم كل عدو ومرتد فكّر بالمساس به.
في عيده الـ 88 ليرفع كل منا يديه بالدعاء، رب اجعل هذا بلداً آمناً مطمئناً، رب سدد خطى قادته واحفظهم من كل شر واجعلنا عوناً لهم لا عليهم لنعلوا بوطن هو النبض والروح والأمل، ويرفع كل منا رأسه ويفرح أنه سعودي، ويجتهد أن يمنح هذا الانتماء ما يستحق من عون وجهد مبارك فيه.
وكل عام ووطني شامخاً أبياً.. به أزهو وأفاخر.