• اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية

    يارب .. وحدك القادر على كشف الضر عنا وعن بلادنا.. وعن كل بقعة في ارضك تضررت بفيروس كورونا

  • الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه..
    بعد ٣ أسابيع قضيتها في أحد مراكز الحجر الصحي التابع لوزارة الصحة ..

أكتب لأُغير وأتغير..أبحث عن المختلف والأفضل.. أم قبل كل شيء.. وسيدة أعمال رغم كل شيء..وناشطة أجتماعية بعد كل شيء.. ممتنة لعائلتي.. وفخورة بمن حولي من أصدقاء..

«دهشة» في أرجاء الوطن

2018-12-30

بدعوة كريمة من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تشرفت بالمشاركة برحلة سياحية الى قرية «اشيقر» التراثية ومحافظة شقراء لحضور الفعاليات المصاحبة لملتقى «ألوان السعودية»، وذلك ضمن وفد لكتاب الرأي والإعلاميين.

اختلاف هذه الرحلة عن غيرها جاء من حيث أني كنت سائحة في بلدي! نعم سائحة في وطني! وهذا ما أخجلني كثيراً كمواطنة سعودية تتعرف على تراث موطنها وتنبهر به وكأنها غريبة عنه، وأيضا كإعلامية قصرت كثيراً في دورها الذي يتطلب منها أن تكون مرآة تعكس الصورة المشرقة لبلادها ليراها العالم الخارجي لتكون زهاء في عين المحب وحصوة في عين الحاقد.
وكعادة الدهشة المصحوبة بانبهار جعلت عشرات الأسئلة تتزاحم داخل رأسي.
من المسؤول عن الضعف الشديد في نشر الثقافة التراثية لدى المواطن السعودي على رغم عمقها وغزارتها؟
وكيف نتعاون كمواطن وكمسؤول لنخرج ما دفن من تراث سعودي أصيل تحت كثبان الإهمال والنسيان؟
وكيف نصدر ثقافتنا للعالم لندعم المتغيرات السريعة التي تحدث في السعودية الآن لتواكب التغير بما يتناسب مع الثوب الزهي للسعودية الجديدة؟
والسؤال الأخير: هل لإحياء التراث الثقافي في نفس المواطن مردود وطني ومجتمعي؟
من قبل كان الكل مقصرا في حق تراثنا، فـ «هيئة السياحة» كانت تصطدم كثيراً بحواجز الأفكار التي توجست من السياحة، لدرجة إقفال كل منفذ إليها بحجج كثيرة وصلت إلى حد التحريم أحيانا، والإعلام قصر في نقل ثقافة الداخل في الوقت الذي اجتهد في نقل ثقافات الغير حتى تشربها جيل سبق الجيل الحالي وأهمل ثقافتنا الجديرة بالفخر، والمواطن أيضا قصر في كونه استسلم لطواحين المدن التي ذابت فيها ثقافته الأم فنسي بخضم مشاغلة أن يحافظ على ملامحها الأصلية. لن نخوض كثيرا فيما مضى وننظر بإيجابية لما نحن فيه وما هو آت.
اليوم، هيئة السياحة والتراث الوطني تبذل جهودا جبارة وخارقة للعادة بكل المقاييس من أجل بث روح الحياة في موروثنا الثقافي واستخراج كنوزنا العظيمة من مناجم السياحة في وطني، لمست ذلك من خلال الخدمات السياحية التي تتطور بشكل سريع، ومن خلال اهتمام «الهيئة» بدعم وتشجيع المواطن السعودي المتمكن الذي رأيت فعلاً حماسه يسبق نظراته وتحركاته ولسانه وهو يقدم للزائر والسائح موروث وطنه ويعرّف عنه بكل اعتزاز وفخر.
الإعلام أيضا بدأ ينتبه لتصدير ثقافتنا للخارج، لأنه هو المسؤول الأول عن نقل الصورة السعودية المشرقة للعالم خارج الحدود، وكذلك المواطن، الجيل الحالي لديه وعي وشغف وحماس للتمسك بجذوره، وهذا محفز قوي يجب أن نستثمره لتوجيه هذه الطاقات الهائلة بحماسها لخدمة الوطن ونشر ثقافته، فهذا الجيل لديه القدرة على مخاطبة العالم بلغات متعددة من خلال وسائل التواصل المختلفة.
جهات مختلفة يجب أن تضع يدها بيد هيئة السياحة والتراث الوطني كوزارة التعليم مثلاً، لماذا لا تكون هناك مادة لا منهجية نطلق عليها اسم «التراث الوطني» نضرب بها عصفورين بحجر واحد، بحيث تكون مادة جاذبة للطلاب تحببهم في البيئة المدرسية وفي الوقت نفسه تعزز الثقافة والانتماء الوطني عند الأجيال القادمة من خلال رحلات وفعاليات تأصل لديهم ثقافاتهم الوطنية والمجتمعية.
رجال الأعمال وراغبو الاستثمار يجب أن يكون لهم دور أيضاً، لماذا لا يتم تشجيع الاستثمار خارج المدن، وذلك بالاستفادة من أبناء القرى، بحيث نفتح لهم بعد الله أبواب أرزاق واسعة تجعل أفئدة الناس تهوي إليهم حاملة معها منافع كثيرة تغنيهم عن الهجرة خارج قراهم، وبالتالي نضمن المحافظة على أصالة التراث على رغم عصرنته.
وضع أيدينا كجهات مختلفة وكمواطنين بيد هيئة السياحة والتراث الوطني سيخدمنا ويخدم وطننا كثيراً، فمن خلال زرع الموروث الثقافي في النفوس سنعزز الانتماء الوطني والوطنية التي تعتبر خط دفاع قوي في وجه كل من يحاول أن يتسلل إلينا مندساً من أي باب ليربك التلاحم الداخلي.
من خلال جيل السوشال ميديا الجديد المتشرب لموروثه الثقافي والمعتز به، سنطبع بصمة ثقافية سعودية على صفحة الخريطة العالمية، ونعطي الوطن جواز مرور ثقافي مفتوح لعقول شعوب العالم ككل.
ولن ننسى أننا بذلك نفتح أبواباً كثيرة للابداع والنماء الاقتصادي والفكري والاجتماعي والسياسي بأيد وعقول سعودية.
وأخيراً وليس آخر، نحن بذلك سنسد فجوة استيعاب التغير بين المدينة والقرية، وبالتالي نسهم بشكل فعال في دفع عجلة التغير كما هو مرجو منها لنصل إلى أهداف رؤيتنا المباركة من أيسر الطرق وأسرعها.


المقال على موقع صحيفة الحياة